أرابيسك- 78 شمعة
هل يفي الرئيس بوعده إلغاء عقوبة الحبس عن الصحفيين في قضايا النشر؟ سؤال ساذج أليس كذلك؟ ماذا تنتظر من رجل احتفل بعيد ميلاده الثامن والسبعين الخميس الماضي ومازال يخفي شيب الوقار بصبغة سوداء، وينظر بعين قوية لا ترجف رموشها إلى الكاميرا، وكأنه يحدق في العدم وكأن لا أحد ينظر إليه من خلف الحاجز الزجاجي للكاميرا، وكأنه قد أصبح في خصومة كاملة مع وعي شعبه -مشاهديه المصريين عبر الشاشات أو حتى مواجهة أحيانا، أولئك المصريين الذين يقدرون إلى اليوم الرجل الأشيب ويحترمونه، ويضحكون منه إن أخفى حقيقة سنه أو حاله.
السؤال ساذج ليس فقط لأن الرئيس يصبغ شعره منذ أكثر من أربعين عاما تقريبا، ولكن لأنه في أغلب الأحوال لا يطلق وعودا، وإنما يطلق قنابل اختبار أو تصريحات لتهدئة أجواء ساخنة، أو لتكدير أجواء صافية أو للتعتيم على أشياء ظاهرة، أو لاعتبارات أخرى لا يصل إلى مراميها عتاة المحللين، وكأن شخص الرئيس لا يوزن بكلماته وتصريحاته ووعوده، وكأن شخص حسني مبارك لا يدرك كثيرا "مكانة منصب الرئيس" التي يجلها المصريون كثيرا، أو أنه لم يعد يدرك جيدا –بحكم السن- كثيرا من الأمور فتوضع الكلمات على شفاهه ليتمتم بها.
الأمثلة كثيرة.. الرئيس قال إن "من يطالب بتعديل الدستور خائن" وقبل أن يمر شهر على تصريحه الناري المنشور في الصحف الرسمية حتى بعث بنفسه تعديل المادة 76 من الدستور إلى البرلمان، ولك أن تلاحظ أن الرئيس نفسه عاد وقال –بعد التعديل- إنه كان يفكر فيه منذ عام ولا أحد يعلم ذلك، فهل كان الرئيس فعلا قد قرر التمويه إلى أقصى درجة باستخدام تعبير "الخائن" حتى يبعد أي شبهة أو احتمال عن أنه سيرضخ لمطلب أحد ويجري تعديلا؟
ألم يقل الرئيس مرارا فيما يتعلق بالخصخصة إن الحكومة لن تقترب من الصناعات المصرية الثقيلة والبنوك الوطنية الكبيرة والمشروعات الاستراتيجية، ولم تمض سنوات حتى أقدمت حكوماته المتتالية وبوحي من توجهياته وتعليماته على عمل العكس؟
ألم يقل إنه سيجري إصلاحات كذا وكيت، ويلغي قانون الطوارئ ويرفع مستوى محدودي الدخل ويوفر فرص العمل بالملايين، و.. و.. ألم يقل الرئيس مثلا إنه سيعين نائبا له بعد الانتخابات الرئاسية، وعاد في آخر حديث له مع قناة "العربية" قبل شهر تقريبا ليقول إن "نائب الرئيس لا لزوم له وهو بلا صلاحيات ويختلف مع رئيس الوزراء". إذن لم يكن كلام الرئيس عن تعيين نائب وعدا، والعيب في أذن المستمع وعين القارئ وعقل من يفكر في أن الرئيس يقول كلاما جادا عادة، الرئيس لا يعد وإنما يلقي كلاما قد يكون له هدف محدد أو لا يكون، مجرد كلام للاستهلاك وللنسيان.
السادة الصحفيين وغير الصحفيين ممن يجلسون في كراسي انتظار "الوفاء بالوعود" لا تنتظروا، اكتفوا بما مضى من سنوات، أصدروا أنتم وعودكم لأنفسكم وحققوها، قوموا لتطفئوا شموع الرئيس الـ 78 وانفخوا في الهواء زفير صدوركم شوقا للحرية والهواء الطلق في زمن جديد خال من القرف..
1 Comments:
What a great site, how do you build such a cool site, its excellent.
»
Post a Comment
<< Home