Sunday, May 21, 2006

تشيني وجه توبيخا شديدا اللهجة لجمال مبارك



ـ وول ستريت تتوقع: واشنطن أبلغت جمال رفضها لتوريث الحكم في مصر
ـ لقاء البيت الأبيض للتعبير عن الاستياء والضغط من أجل الإصلاح
ـ النظام يدفع ولأول مرة ثمناً سياسياً لرفضه الإصلاح الداخلي
ـ المواجهة مع القضاة تكشف مدى تخندق نظام مبارك وعناده
ـ نظام مبارك يخشى أن تشجع "ثورة القضاة" مجموعات أخرى مطالبة بالإصلاح
ـ أمريكا أحدثت شرخا في صرح الاستبداد بإسقاط صدام ومطالبة مبارك بقبول التغيير
ـ مبارك يشعر بالتململ في صفوف حزبه
ـ تحقيق الديمقراطية في الشرق الأوسط سيكون عملية بطيئة تنطوي على العنف أيضا
ـ "النظام لا يريد أي إصلاح.. ولا يريدو أن يقول القضاة الحقيقة"
ـ ثورة القضاة تدعو للأمل
ـ الإخوان والحكومة يلعبان لعبة التوازن

***

هم يضحك وهم يبكي.. لماذ ذهب الشاب جمال مبارك إلى البيت الأبيض؟ هكذا سئل سفيرنا الهمام في واشنطن نبيل فهمي فقال "جمال مبارك كان موجودا "في زيارة خاصة لواشنطن ثم قرر أن يلتقي كبار المسئولين في الإدارة". -وأكمل من عندي أخذ جمال مبارك سيارته أو سيارة السفير أو ربما تاكسي أجرة ودخل البيت الأبيض ليجد بوش وكوندوليزا وتشيني وهادلي (مستشار الأمن القومي) تاركين أعمالهم وواقفين في انتظاره- ثم سئل السفير ماذا حدث في اللقاء فقال "إنهم استمعوا لتفسيره لما يحدث في مصر الآن".- والله العظيم سفيرنا في واشنطن خفيف الظل جدا.. لتتأكد من ذلك اقرأ ما نسب إليه في صحيفة أخرى.. قال إن "مستر جمال مبارك كان موجودا في واشنطن لشأن خاص.. لكي يجدد رخصته لقيادة الطائرة"- ولم يقل السفير كيف عرف هو ذلك. وهل هو مسئول أيضا عن الأمور الشخصية لمستر جمال مبارك؟، وهل معنى هذا أن جمال يستطيع أن يقود طائرة أم أنها رخصة لمن يقود له طائرته؟.. طيب متى تعلم الطيران؟ سؤال مهم. وهل يمتلك طائرة خاصة لكي يقودها؟ (د.يحيى الجمل قال في حوار منذ فترة أن ابن الرئيس يملك طائرة خاصة، ولم ينف أحد ذلك ولم يفكر أحد في تفسير مصدر الطائرة.. هل كانت هدية أيضا مثل مزرعة الدواجن التي تحدث عنها الوزير السابق حسب الله الكفراوي ولم يكلف أحد خاطره بالتعليق).. طيب هل يستعد جمال للحظة معينة يقود فيها هو بنفسه طائرته الخاصة؟ ترى إلى أين سيتجه بها؟. أسئلة كان يجب أن يحاول السفير الإجابة عنها.

ولنكمل بقية المشهد المضحك من القاهرة.. ذهب مراسل صحيفة أمريكية إلى الحزب الوطني يسألهم باعتبارهم الجهة الوحيدة التي يمثلها جمال مبارك الضيف على رئيس دولته أمريكا، ظنا منه أن الأمور بجد أو ما شابه ذلك، فلم يحصل على أي إجابة، وبعد فترة قيل له إنه ذهب لعرض وجهات نظر الحزب في الإصلاح في الفترة القادمة!.. انتظر لحظة.. تذكر تصريحات منسوبة للرئيس المصري في صحف رسمية بعد الكشف عن الزيارة السرية لنجله إلى البيت الأبيض.. ولا تنس أن الرئيس حسني مبارك هو رئيس الحزب الوطني أيضا، يقول فيها إن "مصر لا تقبل التدخل في شئونها الداخلية، وأن أمريكا تضغط عليها لأنها دولة مشاغبة".. (ما رأيك؟)

وأخيرا.. الزيارة كانت سرية فلماذا انكشفت؟ البيت الأبيض له عشرات الأبواب فلماذا أدخله الأمريكان من الباب الذي تشاهده عن طريقه مراسلة الجزيرة فتفضح المستور وتكشف السر؟ وهل العيب في الجماعة المرافقين لجمال الذين لم يعرفوا كيف يلبسونه قناعا حتى لا يعرفه أحد؟ ولا تنس أن تسأل نفسك أولا لماذا كانت الزيارة سرية؟ هل مقابلة الأمريكان عيب لا مؤاخذة؟.. ألم أقل لك هم يضحك وهم يبكي..

***

نبدأ بالزيارة اللغز التي تثير محاولة التغطية عليها ما هو أكثر من الأسئلة.. تثير الضحك والرغبة في التنكيت..

تحت عنوان "مرحبا بك في البيت الأبيض"- استهل بريان ويتيكير مراسل الجارديان في القاهرة مقاله متسائلا: لماذا يدلل بوش الرئيس المصري بينما يضرب بلطجيته المتظاهرين في القاهرة؟، ثم تابع:

زار جمال مبارك ابن الرئيس المصري ووريثه المحتمل الولايات المتحدة الأسبوع الماضي من أجل تجديد رخصته لقيادة الطائرة حسبما يقال. وبينما كان في واشنطن تصادف أن مر على البيت الأبيض وقرر أن ينزل ويلقي التحية على الموجودين. وهذا تصرف مهذب يجب أن أفعله بنفسي يوما ما.

ودردش جمال - أو جيمي كما يناديه أصدقاؤه- مع ستيف هادلي مستشار الرئيس للأمن القومي، والتقى نائب الرئيس ديك تشيني ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس.

وبينما كان يشرب –جيمي- الشاي مع هادلي توقف الرئيس بوش "لتحية جمال وليحمله السلام إلى أبيه الرئيس حسني مبارك" حسبما قال المتحدث باسم البيت الأبيض.

وماحدث هنا بالضبط ما زال لغزا. "جيمي" لا يشغل أي منصب حكومي في مصر، ورغم أنه مساعد الأمين العام للحزب الحاكم- إلا أن هذا المنصب ليس من النوع الذي يفتح الأبواب عادة أمام أصحاب أعلى المناصب في الولايات المتحدة.

لكن ماذا كان يفعل الرئيس بوش وهو يرسل "بأجمل تحياته" إلى الفرعون المصري بعد 24 ساعة فقط من ضرب شرطة منع الشغب وبلطجية الحكومة المتظاهرين والصحفيين في القاهرة؟ إن هذا لا يتوافق أبدا مع "استراتيجية بوش لدفع الحرية في الشرق الأوسط"، أليس كذلك؟

***

يبدو بريان ويتكر متشككا في تصريح المتحدث عن "تحميل السلام لبابا" وعن فحوى المقابلة ككل، وهو ما يجيب عنه "إللي ليك" مراسل صحيفة نيويورك صن (الجمعة 19 مايو)، فيقول إن "موقف الإخوان المسلمين وبيانات الاتحاد الأوربي كانت أقوى بكثير في إدانتها لنظام مبارك مما صدر عن وزارة الخارجية أو السفارة الأمريكية، لكن مسئولا أمريكيا قال إن نائب الرئيس ديك تشيني وجه توبيخا قاسيا لجمال ابن الرئيس مبارك في الاجتماع السري الأسبوع الماضي في البيت الأبيض حول التعامل مع القضاة و16 متظاهرا متضامنا معهم والذين ضربتهم واحتجزتهم الشرطة الشهر الماضي.

وتابع مراسل نيويورك صن:

الانتصار في محاكمة القاضيين بسطويسي ومكي التي أثارت المعارضة السياسية بين ثلث قضاة مصر اختلط بانتكاسة بعد أن رفضت محكمة أخرى نظر الطعن في الحكم بالسجن خمس سنوات على أيمن نور منافس الرئيس مبارك في الانتخابات الرئاسية السابقة.

وهذان القراران اللذان يتسمان بشبهة سياسية لا يمكن أن يحسنا العلاقة الحساسة بين النظام والشعب والتي تتدهور ببطء منذ 2004، عندما بدأت حركة كفاية المكونة من تحالف صغير من شخصيات معارضة مستقلة عقد مؤتمرات وتنظيم مظاهرات تدين سياسات مبارك.

وقد اجتذبت المعارضة العلينة لنحو ألفين من القضاة تضامنا كبيرا من المعارضة العلمانية القل عددا في الشهور الأخيرة.

ويبدو القرار الذي يسمح للقاضيين بالاستمرار في وظيفتهما صفقة سياسية من أجل تخفيف الضغط والغضب بين القضاة والنخبة السياسية، دون أن يقال أن الحكومة انهزمت. بينما يؤكد قرار المحكمة رفض الطعن المقدم من أيمن نور على أهمية معركة القضاة من أجل الاستقلال السياسي.

***

ونقل بيتر باكر وجلين كيسلر في واشنطن بوست (17 مايو) عن مسئول أمريكي رفيع طلب عدم تسجيل كلامه على الكاسيت قوله إن المسئولين الأمريكيين الذين قابلهم جمال مبارك أبلغوه صراحة إنهم "قلقون جدا" حول تصرفات الحكومة المصرية الأخيرة وأنهم استغلوا الفرصة للضغط على جمال مبارك لتطبيق وجهات نظرهم فيما ينبغي عمله من أجل مزيد من الإصلاح الحقيقي في مصر. وأن الإدارة راضية عن تحركات مصر لإعادة هيكلة اقتصادها لكنها محبطة بشأن عدم انفتاح النظام على المستوى السياسي".

***

وننتقل إلى المشهد الأخير في دار القضاء العالي يوم الخميس الماضي مع افتتاحية وول ستريت جورنال (الجمعة 19 مايو) والتي حملت عنوان "الديمقراطية الفرعونية". تقول الصحيفة:

إن الرئيس المصري حسني مبارك يثبت أنه يشبه "أبوالهول" تماما في رده على مطالب الحرية السياسية في أكبر دول العالم العربي من حيث عدد السكان.

في الأسبوعين الماضيين هاجمت حكومته بقبضة ثقيلة على المتظاهرين ورفضت إطلاق سراح سياسي ديمقراطي بارز معتقل في السجن بتهم مشكوك فيها. لكن الإجراءات التعسفية لم تنجح في قمع واحد من أخطر التحديات العلنية حتى الآن لحكم مبارك منذ 25 عاما. قوات الأمن ضربت واعتقلت مئات الأشخاص في القاهرة عندما خرجوا للدفاع عن القاضيين اللذين انتقدا سير الانتخابات البرلمانية الأخيرة.

ورفضت محكمة مصرية أيضا طعنا من منافس مبارك في انتخابات الرئاسة أيمن نور المعارض الديمقراطي العلماني المحكوم عليه بالسجن خمس سنوات مع الأشغال الشاقة. وكان الطعن المقدم من أيمن نور اختبارا لرغبة الحكومة في الاستجابة للضغط الشعبي وأظهر رفض الطعن أن مبارك مصر على القتال بشراسة من أجل إبقاء كل أدوات السلطة في قبضته.

لم يكن عاما سهلا للمعارضة المصرية. في أعقاب حرب العراق التي وضعت الديمقراطية على الأجندة الإقليمية، أجرى مبارك أول انتخابات رئاسية بين عدد من المرشحين في سبتمبر. لكنه وضع كافة العراقيل أمام أي منافس حقيقي. ووجد معارضه الرئيسي أيمن نور نفسه موضع اتهام قبل يوم الانتخابات، ومن أجل التأكيد أنه لن يمثل تهديدا على المدى البعيد لتخطيط مبارك (78 سنة) لتوريث السلطة أدانت المحكمة أيمن نور أواخر العام الماضي.

وشهدت الانتخابات البرلمانية في ديسمبر عنفا وتزويرا على نطاق واسع. وكاد الجميع يفقدون الأمل في الحرية السياسية في مصر.

ثم خرج القاضيان محمود مكي وهشام بسطويسي ووصفا الانتخابات البرلمانية علانية بأنها مزورة. تجاسر الرجلان على هذا التصرف كما لو كانت مصر لديها سلطة قضائية مستقلة. وردا على ذلك قدم القاضيان إلى لجنة تأديبية أوقفت ترقية القاضي بسطويسي من خلال توجيه اللوم إليه وبرأت مكي.

ومصر هي ثاني أكبر متلقي للمعونة الأمريكية مما يجب أن يعطي واشنطن قوة تأثير على القاهرة. في العام الماضي أجلت وزيرة خارجية كوندوليزا رايس زيارة رسمية لمصر احتجاجا على سجن أيمن نور. ومؤخرا أجلت واشنطن المفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة. وفي فعل من واشتطن هو الأشد حتى الآن قال المتحدث باسم وزارة الخارجية شون ماكورماك إن ما حدث في مصر الخميس الماضي يثير "قلقا شديدا". ووصف قضية أيمن نور بأنها "انعدام لإقامة العدل... ونكسة لتطلعات الشعب المصري نحو الديمقراطية".

جمال ابن الرئيس وولي عهده المنتظر استمتع الأسبوع الماضي بجلسة سرية ثنائية سيئة التوقيت في واشنطن مع نائب الرئيس ديك تشيني ولقاء قصير مع الرئيس بوش. ربما يكون مبارك الابن سياسيا مواليا للغرب بشكل مدهش. لكن واشنطن تدفع نحو إرساء الديمقراطية حول العالم والمسائل الرمزية مهمة جدا. ولذلك نتمنى أن يكون بوش وتشيني قد أوضحا -على الأقل- للشاب المصري أن الولايات المتحدة لا تؤيد انتقال السلطة وراثيا في مصر مثلما حدث مع بشار الأسد في سوريا.

إن الغرب يستطيع أن يقول كلمته في أن تصبح مصر أكثر انفتاحا وتعددية على المستوى السياسي بوسائل أخرى أيضا. وكما حدث في أوربا الشرقية خلال السنوات العشرين الماضية استطاع الدعم الأمريكي لمنظمات الشباب والمنظمات غير الحكومية واتحادات العمال المستقلة وبرامج التبادل الطلابي وبرامج التدريب الإعلامي أن يحقق نتائج جيدة في زرع بذور التغيير. ولكن ذلك ليست بؤرة تركيز المعونة الأمريكية لمصر اليوم.

القضاة الثائرون والمتضامنون معهم في الشارع وأنصار أيمن نور الذي حققوا رغم كل شيء نسبة 7.6 بالمئة من التصويت في انتخابات الرئاسة.. كلهم جميعا يظهرون أن الإخوان المسلمين ليسوا وحدهم في تمثيل المصريين المستائين من النظام الحالي. وقرار المحكمة واعتقالات يوم الخميس قد تكون خطوة إلى الخلف بالنسبة إلى الحرية. ولكن المصريين يظهرون للعالم أنهم يريدون ما يعتبره ملايين البشر أمرا بديهيا -الحق في اختيار قادتهم".

***

وعن جانب آخر في الموقف الرسمي للإدارة الأرميكية نكتفي بما كتبه دانييل وليامز في واشنطن بوست عن أن: "ديفيد وولش مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط قال في شهادة أمام لجنة العلاقات الدولية في مجلس النواب إن مصر "حجر زاوية في سياستنا الخارجية في الشرق الأوسط". ووصف قرار مبارك إجراء انتخابات رئاسية متعددة المرشح بأنه "خطوة رئيسية للأمام" وأبدى معارضته لمطالبة بعض أعضاء الكونجرس استخدام واشنطن للمعونة السنوية لمصر (ملياري دولار) كأداة للضغط من أجل الإصلاح. وأعد عبراة كوندوليزا رايس "إننا نعتقد أن المعونة الأمريكية لمصر يجب أن تستمر". وكرر أن "التوقيت ليس مناسبا" لمفاوضات التجارة الحرة بين مصر والولايات المتحدة، التي علقت بعد سجن أيمن نور.

وذكر وولش عددا من الخدمات الاستراتيجية التي تقدمها مصر للولايات المتحدة قائلا إنها تفوق أي تحركات دراماتيكية للضغط من أجل الإصلاح السياسي. ومن بين الخدمات التي أشار إليها تأييد مصر للجهود الأمريكية في الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضد البرنامج النووي الإيراني والضغط على الحكومة الفلسطينية بقيادة حماس لنبذ العنف ضد إسرائيل".

***

وفي تحليل لختام مشهد الخميس الماضي كتب مايكل سلاكمان في نيويورك تايمز: "مع انتهاء اليوم عكست الحركة في الشارع وفي ممرات دار القضاء العالي حقيقة أن هناك قوتين سياسيتين وحيدتين منظمتين في مصر - الحكومة بحزبها الوطني الديمقراطي، والإخوان المسلمين. ويبدو أن الإخوان المسلمين هم الوحيدين القادرين على الدفع بأعداد كبيرة يوم الخميس الماضي بعد أسابيع من الاعتقالات والضغوط من أجهزة الأمن.

الإخوان والحكومة يتحدى كل منهما الآخر، وكل منهما حريص على ألا يدفع بقوة أكبر تستفز الطرف الآخر إلى رد فعل كبير. الإخوان الذين أظهروا القدرة على حشد عشرات الآلاف من أنصارهم، لم يجمعوا سوى 1500 شخص في الشارع يوم الخميس الماضي. والحكومة من جهتها اعتقلت 200 فقط، ومن بينهم قياديين بارزين في الجماعة لكنها لم تتحرك لسحق الجماعة أو محاولة وقف كافة أنشطتها.

وفي المنتصف تبرز قوى ومنظمات مهنية مثل القضاة كقوى دافعة للتغيير. ويخوض ما يقدر بسبعة آلاف قاض من بين 9 آلاف معركة مع الحكومة من أجل استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية وحق الإشراف على الانتخابات.

وفي منتصف النهار عندما دخلت مجموعة القضاة المحتجين إلى دار القضاء العالي اندفع حشد من موظفي دار القضاء الذين تجمعوا على السلم في تصفيق حاد وهتفوا "مصر.. مصر" ما يؤكد بقوة شعبية القضاة في الشارع.

***

في تقرير موسع عنوانه "إشارات الحرية" بمجلة تايم كتب سكوت ماكليود أن: "إدارة بوش تقدم دعما معنويا، لكن الديمقراطيين العرب الشجعان الذين يحاربون أنظمة استبدادية هم الأبطال الحقيقيون، فهشام بسطويسي ليس ثائرا سياسيا، هو قاض بمحكمة النقض المصرية وميوله المحافظة واضحة في ألوان بدلاته القاتمة ونظارته المستديرة وحذائه اللامع. أثناء سنوات عمله بمحكمة الاستئناف كان يتجنب هز القارب بعنف.

ورغم ذلك أصبح بسطويسي فجأة من خلال توجيهه لاتهامات التزوير في الانتخابات البرلمانية أواخر العام الماضي معروفا على المستوى المحلي كمنتقد صريح لحكم الرئيس حسني مبارك الاستبدادي، ومع زميله محمود مكي وزملاء آخرين من كبار القضاة يقود بسطويسي ما يسمى بثورة القضاة، والتي يخشى نظام مبارك من أن تشجع مجموعات أخرى مطالبة بالإصلاح.

وانتقد بسطويسي الحكومة لعدم قيامها بالتحقيق الكامل في تلك الاتهامات، وأعاد أيضا مطالب قديمة من أجل استقلال حقيقي للقضاء عن نظام مبارك، ويقول بسطويسي (55 عاما)، وهو ابن محام وأب لطالبين يدرسان القانون إن "النظام لا يريد أي إصلاح.. هم لا يريدوننا أن نقول الحقيقة. لكن الناس بدأوا الرغبة في الإصلاح ومستعدون للتضحية من أجله. وعدد هؤلاء الناس يتزايد".

التشاؤم حول مستقبل الديمقراطية في الشرق الأوسط أمر شائع هذه الأيام، والمواجهة بين مبارك والقضاة توضح المشكلة جيدا، ففي ظل توقيت مؤسف: تستضيف مصر هذا الأسبوع في منتجع شرم الشيخ اجتماعا لقادة عالميين وإقليميين يحضرون المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي سيركز على كيفية تلبية الإصلاح في الشرق الأوسط لمطالب الجيل الجديد من المجتمع العربي الذي يتسم بنسب مرتفعة من صغار السن.

قبل عام كانت إدارة بوش وكثير من المثقفين ينتظرون بحرارة قدوم ربيع عربي، موسم من الانتخابات والاحتجاجات الشعبية تبشر بموجة من الديمقراطية عبر الشرق الأوسط. ويبدو أن التقدم يسير في الاتجاه العكسي في كل مكان تقريبا.

وفي مصر التي كانت التوقعات بحدوث تحول إصلاحي فيها أعلى من غيرها من الدول العربية كشفت المواجهة مع القضاة مدى تخندق نظام مبارك وعناده مع المعارضة، وعبر الانقضاض على القضاة كذبا وبهتانا يؤكد النظام أن التغيير في مصر سيسير ببطء شديد هذا إذا كان هناك إصلاح أصلا.

ورغم ذلك تظهر ثورة القضاة أن هناك سببا يدعو للأمل أيضا: في مصر وفي كافة أنحاء المنطقة، يتقدم بسطويسي وباحثون آخرون عن الحرية بتصميم لم يسبق له مثيل من أجل مطلب التغيير. إنها ليست ثورة. ليس هناك فاسلاف هافل (الرئيس التشيكي السابق الذي قاد المعارضة ضد الحكم الاشتراكي في بلاده) أو نيلسون مانديلا زعيم جنوب أفريقيا. واحتمال حدوث نتائج سريعة ومثيرة هو احتمال محدود.

لكن الديمقراطيين العرب يتسلحون بأعداد متزايدة من المنظمات الحقوقية الجديدة ومجموعات ضغط ووسائل إعلام ومواقع على الإنترنت وهم يطالبون بكل شيء من الانتخابات النزيهة والصحافة الحرة ومراقبة لحقوق الإنسان وحتى المساواة بين الجنسين. وهم يحققون بعض الانتصارات الملحوظة إن لم تكن تمثل تقدما رمزيا كبيرا، وتساعد على إقامة مجتمع مدني يطالب بنهاية سلمية للاستبداد.

التحول الديمقراطي هو انتقال ملحمي في العالم العربي لأن أكثر من نصف قرن من الاستبداد جعل الأنظمة مصممة بعمق على الاستمرار في السلطة مهما كانت التكلفة، وأطاح الحكام المستبدون بمنافسيهم من قدامى السياسيين ومنعوا الأحزاب الجديدة من الظهور، ونتيجة لذلك أتيحت الفرصة للمجموعات الإسلامية التي تنظم أنشطة في أمان نسبي عبر المساجد لاحتكار مجال المعارضة السياسية.

وفي السعي للتغيير التاريخي يثبت أن سياسات إدارة بوش حاسمة في إحداث التحول، والآن يعترف كثير من العرب، والذين كانوا أحيانا يتذمرون من ذلك، بأن الولايات المتحدة أحدثت شرخا في صرح الاستبداد من خلال إسقاط مستبد عربي مثل صدام حسين ومطالبة حلفاء قدامى مثل مبارك بقبول التغيير، مما يعطي الإصلاحيين مساحة انفتاح تاريخية.

ويقول كثير من الإصلاحيين إن الديمقراطية لا يمكن فرضها من الخارج، وعملية الإصلاح يجب أن تكون محلية، لكن الولايات المتحدة تقدم غطاء جويا للإصلاحيين وتحميهم من الأنظمة.

وتعتبر مصر دراسة حالة فيما يتعلق بكيفية حدوث ذلك. فقد حصل الإصلاحيون على دفعة تشجيعية في يونيو الماضي عندما اختارت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس القاهرة كمكان لتلقي فيه خطابا مهما حول الديمقراطية. وفي خطابها اعترفت رايس بأن تحالفات الولايات المتحدة مع الدكتاتوريين العرب لم تعزز الاستقرار العالمي، وأن واشنطن واعتبارا من الآن "ستدعم التطلعات الديمقراطية للناس". وسرعان ما فاجأ مبارك البلاد بالإعلان بأنه سيسمح بإجراء أول انتخابات رئاسية تنافسية في تاريخ مصر. ومضى مبارك ليستخدم أجهزة الدولة لسحق منافسيه التسعة لكنه اضطر إلى إطلاق حملة انتخابية وعد خلالها بالإصلاح وتحمل خلالها انتقادات شديدة تتعلق بالفساد والعجز من جانب مرشحين منافسين ومن جانب معلقين.

وفي الانتخابات البرلمانية السابقة غض مبارك الطرف عن تقدم حركة الإخوان المسلمون بنحو 150 مرشحاً ولم يتمكن من منع وصول 88 منهم إلى مقاعد البرلمان. لكن كتلة الإخوان المسلمين لا تستطيع كأقلية تمرير أو عرقلة أي تشريعات في البرلمان إلا أنها أنشط معارضة في البرلمان يمكن تذكرها.

وللأسف الشديد رد مبارك على الضغوط المتزايدة بالتراجع عن وعوده الانتخابية وقام بشن عدة حملات، ففي الأسبوع الماضي ضربت قوات الشرطة المتظاهرين والصحفيين واعتقلت المئات أثناء مظاهرة مؤيدة للقضاة في أعقاب اعتقال عشرات الناشطين في الآونة الأخيرة. وقبل ذلك حكم على أيمن نور بالسجن خمس سنوات بعد أن أدانته محكمة أمن الدولة بالتزوير في أوراق تسجيل حزبه الجديد الغد، وجدد مبارك العمل بقانون كما أجل انتخابات المحليات.

إلا أن النظام ولأول مرة يدفع ثمناً سياسياً نتيجة تصديه للإصلاح الداخلي، ولأسباب من بينها الاحتجاج على معاملة أيمن نور أوقفت الولايات المتحدة محادثات هامة تتعلق بإتفاقية للتجارة الحرة مع مصر، كما يقوم الكونجرس الأمريكي أيضاً بمراجعة متأنية تتناول المساعدات الأمريكية لمصر والتي تبلغ 1.8 مليار دولار سنوياً.

ويشعر مبارك بدرجة من التململ في صفوف حزبه، ففي مارس الماضي شعر أستاذ العلوم السياسية أسامة الغزالي حرب الذي عينه جمال نجل مبارك لتقديم أفكار إصلاحية جديدة بالإحباط نتيجة التراجع عن الإصلاح، وترك الرجل الحزب الحاكم وتحدث إلى الصحافة المصرية عن الأسباب وهو ما كان بمثابة سخرية من وعود مبارك بإجراء الإصلاح من الداخل.

وكما يقول أحد النشطاء المخضرمين في مجال المجتمع المدني "لقد خرج الجني من القمقم... لا عودة للنظام إلى حكم الرجل الواحد مثلما كان. فقد انكسر حاجز الخوف".

وبسبب كل هذه المبادرات أصبح واضحاً خلال العام الماضي أن تحقيق الديمقراطية في الشرق الأوسط ستكون عملية بطيئة وربما تنطوي أيضاً على بعض العنف، وهناك عدد من الحقائق يؤكد ذلك. ويمثل دعم الرئيس بوش للديمقراطية والنشطاء في العالم العربي تحولاً في السياسة الأمريكية إلا أن سجل الإدارة في هذا المجال يظل غير واضح.

فقد أعاق الصراع العربي الإسرائيلي منذ مدة طويلة تطور الديمقراطية عن طريق دعم أصحاب النفوذ العرب وتغذية التطرف الإسلامي- إلا أنه وفي تناقض واضح للكثير من أسلافه أهمل بوش عملية السلام بين العرب وإسرائيل، وبالنسبة للكثير من العرب فإن تدخل بوش في العراق أفرز عنفاً يومياً وهيمنة دينية وقتالاً طائفياً لا يرغبون في تكراره.

كما أن الديمقراطيين العرب يتساءلون في مدى جدية التزام واشنطن بالديمقراطية بسبب التعاون المستمر بين الولايات المتحدة والأنظمة العربية في القضايا الإستراتيجية مثل العراق وبرنامج إيران النووي وأسعار النفط والحرب على الإرهاب. ويتساءل هؤلاء... هل ستظل واشنطن صامتة إذا سحق مبارك ثورة القضاة؟

إلا أن الديمقراطيين العرب- رغم ذلك يستمرون في عملهم، ومهمتهم خطيرة إذ أنها لا تقتصر فقط على التصدي لحكام يتمتعون بأوضاع راسخة بل يواجهون أيضاً قوى شديدة وأجهزة أمنية ونظماً قبلية ودينية تعارض توسيع الحريات، وبدلاً من قياس النجاح على أساس عدد الانتخابات التي يمكن أن ينظمها العرب فربما يكون من الأفضل إلقاء نظرة أكثر وضوحاً على أعمال آلاف الإصلاحيين الشجعان من أمثال هشام البسطويسي، وقد بدأ هؤلاء الإصلاحيون على المستوى الجماعي في إحداث فرق. لكنهم لا يزالوا بحاجة إلى كل غطاء جوي ممكن.

4 Comments:

At 1:01 AM, Blogger abderrahman said...

أعتقد إن جمال مبارك لن يصل إلى الحكم إلا بانتخاب شعبي، ونسبة تأييد كبيرة ...!
وستجد النسبة مقبولة مثلما كانت مقبولة مع والده .
هناك أمر آخر، أنك ستجد من يرفع لافتاته الدعائية وقتها .
وعجبي .

 
At 7:42 AM, Anonymous Anonymous said...

قطار الإصلاح خرج من مخدعه و لن يعود
كان هذا تصريحا شديد الأهمية للسيد الأستاذ الدكتور علي الدين هلال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة و عضو لجنة السياسات في الحكومة عفوا في الحزب الوطني لم يكن هذا التصريح هو التصريح الحماسي الوحيد له أثناء الحوار الذي قدمته المذيعة مني الشاذلي ببرنامج العاشرة مساء علي شاشة دريم , فالحق يقال لقد كان الحوار بأكمله قمة في الروعة و الجمال بالطبع ليس جمال مبارك و إن كانت الحلقة تناقش قضية زيارته السرية للولايات المتحدة الأمريكية و لأنني شخص جاهل بل وصلت لقمة الجهل لم أقتنع بأي كلمة قالها بالرغم من أنها مقنعة جدا لأي شخص و لكني سأتوقف عند بضعة نقاط.
1- قال السيد الدكتور أن زيارة جمال مبارك لم تأتي لامتصاص الغضب الأمريكي من جراء موقف الحكومة من تعاملها مع قضية القضاة و تجديد حكم الحبس ضد أيمن نور و سحل المتظاهرين في شوارع وسط البلد بدعوي أن الزيارة كانت يوم الخميس الماضي أي أن الأحداث حدثت في أثناء تواجد الأخ جمال في واشنطن و لكن السيد الدكتور تناسي أن القضاة منعوا من دخول دار القضاة العالي يوم الخميس قبل الماضي و إن أزمة القضاة بدأت أساسا منذ فترة طويلة كما أن المعارضة المصرية سحلت في الشوارع قبل الزيارة الميمونة ( مش اسم قردة و لا حاجة ) بأسبوع و لم تكن المرة الأولي و لن تكون الأخيرة.
2- برر الدكتور علي الدين الزيارة بأنها زيارة عادية جدا من مسئول حزبي و ليس حكومي و هو سائد في السياسة عالميا و لكنه نسي أو تناسي أيضا أن الأحزاب الأخرى تذبح إذا ثبت أنها قامت بالحديث لأي أمريكي أو أوروبي ( حتى لو كان سائحا ضل الطريق ) مثلما حدث مع أيمن نور و اتهامه بالعمالة لأنه قابل كوندليزا رايس في مصر بناء علي طلبها الشخصي.
3- و كمان بقي الموضوع كان مهم جدا إنه يكون هناك لأن بعض الأطراف المعادية لمصر ( أطراف صهيونية كما صرح سيادته ) قامت بتمرير قانون للكونجرس الأمريكي لوقف المساعدات لمصر فقام السيد جمال بإنقاذ الموقف , ربنا يخليه لينا يا رب و يوفقه دائما للدفاع عننا و عن مصر من الأطراف الصهيونية الحقيرة المعادية التي تترصد بمصر و المصريين و تقوم بعرقلة مسيرة الإصلاح ( العرجاء ) و سحل المتظاهرين و التحرش بفتيات الوطن و تنتهك الأعراض في وضح النهار و أعتقد أيضا أن هذه الأطراف الشريرة هي التي قامت بضرب القاضي المصري في الشارع كما قامت طبعا ( و مين هيعمل كده لو مكنتش أطراف صهيونية معادية ) بتمزيق علم مصر.
4- ليس المفروض أن يقوم الإعلام بتغطية هذه الزيارة لأن مبارك الابن ليس مسئولا حكوميا , و طبعا كلنا نوافقك في هذه الرأي فعلي الإعلام الحكومي أن يهتم بتفاصيل أكثر أهمية كافتتاح السيد جمال للمصانع و المستشفيات و أكشاك بيع الجرائد و أيضا نشر صوره عمال علي بطال و تصريحاته الخزعبلية بدلا من زيارته لواشنطن.
5- لا نية للتوريث كما يقول الرئيس و ابنه دائما , و نحن طبعا يجب أن نصدق كما صدقنا من قبل أن الرئيس مبارك سيتولى الحكم فترة واحدة و لن يجدد ( بس علي حسب التوقيت المباركي فترة الرئاسة 1500 سنة ).
6- يري الدكتور هلال أن هناك بعض الأزمات و القلق في الشارع المصري نتيجة عدم وجود نائب للرئيس ليرث الحكم مثلما فعل الرئيس عبدالناصر و ورث الحكم للرئيس السادات الذي بدوره ورثة للرئيس مبارك و كأن المصريين يطالبون بوجود نائب ليرث الحكم و ليس لأنه منصب له مسئوليات و واجبات في الدستور ( طبعا هما يرفضوا الدستور بإعتبارها صحيفة مستقلة معارضة لذلك سيقوموا بإلغاء الدستور نهائيا من الحياة السياسية المصرية ) و ذلك لأن المصريين حمير و مش عارفين مصلحتهم و أعتقد أنه يري أن نائب الرئيس منصب ملوش لازمة و تقليعة و مش لازم علشان الرئيس الأمريكي مثلا يترشح هو و نائبه شروة واحدة إن المنصب ده مهم إرمي يا راجل.
طبعا هذا جزء بسيط من الملاحظات في هذا الخطاب الرهيب ( أعتقد إني فهمت ليه بالظبط إحنا أخدنا صفر في المونديال) وكفاية كده علشان مقدرش أموت و أنا عندي 22 سنة بأمراض السكر و الضغط و السكتة القلبية فأكرم لي أن أركب قطار الإصلاح الذي خرج من مخدعه ( كان بيريح شوية في أودة النوم ) و أن أموت محترقا بداخله كما مات الآلاف من أبناء الوطن محترقين في قطار الصعيد , أو أن أركب السفينة التي يقودها سيادته بحكمة و حنكة و دهاء و مكر لتستقر في القاع لنكتشف في النهاية إنها تسمي مصر 98 بشرطة .

 
At 5:09 PM, Blogger arabesque said...

والهي لو جمال باشا كان بيجدد الرخصة عشان ياخد الطيارة و يهرب بيها بره البلد ففي ستين ألف...ا

أكيد الإصلاحيين بيحققوا نجاحات و فيه حركة في الشارع إنما النظام برده للأسف بيسجل أجوال. بالإشارة لحلقة العاشرة مساء و كلام هلال الدين المستفز اتكلم واحد من المواطنين و اتمنى فعلا من كل قلبي إنه يكون من بتوع الحزب الوطني و مربطين إنه يتصل بيهم...الأخ المواطن اللي من السيدة و عنده 46 سنة كلف خاطره و اتصل مخصوص عشان يقول إن "احنا" المفروض نفخر إن فيه شاب في وسطينا زي جمال مبارك و إنه مايعرفوش و لا عمره قابله إنما شايف أد إيه هو شخصية محترمة و مفيش مانع إطلاقا يبقى رئيس جمهورية قادم. و في أوراق اعتماد السيد جمال كرئيس قادم بالنسبة للمواطن إياه إنه ابن رئيس بقى له خمسة وعشرين سنة في حكم البلد ومش عارفة الحقيقة إذا كان ده المفروض يبقى في صالح جمال باشا و لا ضده. آه ده غير طبعا إنه ابن صاحب الضربة الجوية و برده مش فاهمة إيه علاقة ده بالرئاسة
لو فضلت الناس تفكر كده يبقى لسه قدامنا كتير أوي

 
At 3:10 AM, Anonymous Anonymous said...

التعليق كاملا
عن أجوان النظام و رجل في قلب مصر

تعليق على ما كتبه أيمن شرف في مدونته
والهي لو جمال باشا سافر أمريكا يجدد الرخصة عشان ياخد الطيارة و يهرب بيها بره البلد ساعة الجد ففي ستين ألف...كتير من الصحف انتقدت التعتيم و السرية- اللي انفضحت في الآخر- المفروضة على الزيارة و كتير كمان أكد إن فضحها بالشكل ده معناه إن أمريكا مش موافقة على التوريث
جميل جدا. إنما بوش لما اتزنق آخر مرة و اضطر يتكلم بصراحة عن مصر أكد إن أمريكا هتدعم اختيار الشعب و هنا بقى نقف شوية
أكيد الإصلاحيين بيحققوا نجاحات و فيه حركة في الشارع إنما النظام برده للأسف بيسجل أجوان. في حلقة العاشرة مساء يوم الأحد دافع علي الدين هلال دفاعا مستميتا عن جمال مبارك و زيارته لأمريكا - في نص الحلقة اتصل واحد محترم جدا قال له: على فكرة أنا حضرت لك محاضرة قبل عشرين سنة و لو سمعت نفسك دلوقتي و إنت بتتكلم مش هتقدر حتى تقنع نفسك باللي إنت بتقوله
المهم اتكلم واحد من المواطنين اتمنى فعلا من كل قلبي إنه يكون من بتوع الحزب الوطني و مربطين إنه يتصل بيهم...الأخ المواطن اللي من السيدة و عنده 46 سنة كلف خاطره و اتصل مخصوص عشان يقول إن "احنا" المفروض نفخر إن فيه شاب في وسطينا زي جمال مبارك و إنه مايعرفوش و لا عمره قابله إنما شايف أد إيه هو شخصية محترمة و مفيش مانع إطلاقا يبقى رئيس جمهورية قادم. و في أوراق اعتماد السيد جمال كرئيس قادم بالنسبة للمواطن إياه إنه ابن رئيس بقى له خمسة وعشرين سنة في حكم البلد، ومش عارفة الحقيقة إذا كان ده المفروض يبقى في صالح جمال باشا و لا ضده. آه ده غير طبعا إنه ابن صاحب الضربة الجوية و برده مش فاهمة إيه علاقة ده بالرئاسة و لحد امتى هيفضلوا يذلونا بالحكاية دي
المشكلة إن فعلا في قطاع من الناس بيفكر بالشكل ده، ناس متعرفش عن الي حصل مع القضاة أساسا و لا اللي اعتقلوا و لا أي حاجة و مش عاوزين يوجعوا دماغهم. و فيه برده برامج تليفزيونية بتشكل -عفوا- بتشوه وعي الناس. من أسبوع و في أعقاب بيان الداخلية بتاع لموا نفسكم و اقعدوا في بيوتكم شفت بالصدفة حلقة من برنامج اسمه "روضة الإسلام" على القناة التانية المصرية و حبيت أعرف بيقولوا إيه للي مافيش عندهم دش عشان يتفرجوا على الجزيرة. كان من بين الكلام الي اتقال : تعجب الشيخ جمال قطب من المظاهرات باعتبارها عادة غربية و تساؤله عن مدى تأثيرها، و اقتراحه كوسيلة للاعتراض ما يعلمه لنا الإسلام في صلاة الجماعة - حسب ما قاله: عندما يخطئ الإمام و لا يرجع عن الخطأ فالمفروض أن يترك المصلي المعترض المسجد و يلزم بيته. وقال أن هذا هو مقابل ما نعرفه اليوم " بالعصيان المدني" حتى يزيد عدد المعترضين وذلك لأن المسجد يجب أن يسع الجميع. و كان فيه اقتراح كمان مقدم من رئيس الأمن بالتليفزيون - البرنامج كان مستضيف الاتنين في حالة تدعو للتأمل- بتدريس الأمن و المبادئ الديمقراطية مع بعض للتلاميذ في المدارس
ده طبعا غير الأضواء و الظهور الرسمي لخطيبة جمال مبارك و الحديث إنها "ستايل الملكة رانيا" -حسب ما جاء في المصري اليوم- و ده طبعا بيمثل مادة أخبار ومثار اهتمام لقطاع تاني من الشعب في إطار ثقافة الموضة و الدش و البوب كالتشر/الثقافة الشعبية اللي ماشية اليومين دول
و برده مش عايزين ننسى إن أيمن نور خلاص بقى عبرة لمن يعتبر بمعنى إنهم قضوا على فرصته في الترشح لأي انتخابات تشريعية أو رئاسية في المستقبل و بالمرة أي حد عايز ياخد نفس سكته. السيد نظيف بيطمنا إنهم ملتفتين أوي للإخوان و واخدين بالهم إنهم عايزين يتصرفوا ككتلة حزبية في مجلس الشعب بعد ما دخلوه مستقلين و إنهم مش هيسمحولهم أبدا...أساسا هما سابوا العدد ده كله يدخل المجلس على أساس إنهم مطمنين تماما لعدم إمكانية الإخوان النزول بمرشح في أي انتخابات رئاسية حسب التعديل الدستوري الأخير، لأنهم مش كيان شرعي
النظام بيشتغل على كذا جبهة و بسرعات مختلفة وواضح إن النية إن التوريث يمشي بنفس سيناريو "الانتخابات" السابقة، يعني الناس تقول كلمتها اللي مش هتختلف كتير عن كلمة النظام و رغبته، إما عن طريق عمليات غسيل المخ و التخلخل جوا الوعي أو عن طريق الأساليب التانية لو فضلت السلطة التنفيذية متدخلة في السلطة القضائية. و كمان أمريكا هتنبسط جدا بديمقراطية على المقاس من غير وجع الدماغ بتاع الإسلاميين. المشكلة في كمية الأجهزة اللي النظام قادر يوظفها في خدمته
هل ممكن نتفائل و نقول إن دي التحركات أو الانتفاضة الأخيرة لنظام أوشك على الموت؟
ليس يأسا ولكن بواقعية صادقة وتفاؤل لابد منه...مازالت المعركة في بدايتها
................................
على الهامش...لأ في الوسط، في المركز تماما تبرز صورة المستشار هشام البسطويسي على سريره في كاميرا العاشرة مساء مبتسما متفائلا قويا كما اعتدناه، برغم حبات العرق التي بدأت في التراكم على رقبته مع قرب نهاية الحديث، متأثرا من كم الحب الذي شعر به في محنته الأخيرة من قبل الناس.. متحدثا عن فقده للحياة لأربع دقائق و العودة مرة أخرى للمضي في الطريق

 

Post a Comment

<< Home