عشة الفراخ
عشة الفراخ
أرابيسك أيمن شرف- الدستور 23 نوفمبر 2007
هل تعرف رئيس "عشة الفراخ"؟ سؤال غريب ربما، ولكن شلة أصدقاء المقهى تتحدث منذ فترة عمن تسميه "رئيس فراخستان"، يجمع كل فراخ بلاده في الصباح في قفص هائل ثم يهز القفص بكلتا يديه خمس دقائق متواصلة حتى تدوخ الفراخ تماما، ثم يفتح أبواب القفص ليتركها تخرج إلى أعمالها، فلا تنحرف يمينا أو يسارا عن طريقها إلى العمل.. تعمل بكسل وتراخ وقلة اكتراث ولا يهمها إلا بطنها، وإذا ما انتصف النهار عادت أدراجها لتقيل في الصيف أو تستدفئ في الشتاء ولا تفكر فيما هو خارج هذا القفص.. تعيش منكسرة محطمة بلا أمل في الحرية، لا تفكر في سر وجود رئيس فراخستان ولا تسأل نفسها عن شرعيته، وإذا أفاق بعضها أحيانا وراح يتساءل ويفكر ويستجوب عما وراء سور العشة.. عن الحياة الحقيقية التي هم جديرون بها قد ينبري له آخرون من الفراخ المرهقة المهزومة من داخلها لتدينه وتحاكمه وتطالبه بألا يتعب ضميرها المتعب أكثر من اللازم، وأن يتركها ترتاح مع هزيمتها، هذه الفراخ كانت قد انتباتها نوبة صحيان وراحت تتحدث عن حقوقها "كفراخ" في الحصول على الديموقراطية، وأن تعامل ككائنات طبيعية، لا يعذبها أحد في قسم شرطة أو سجن، ولا يضربها أمين شرطة قلمين في عرض الطريق، ولا يستنزف قوتها وقوت عيالها محتكر أو رأسمالي جشع أو يدير شئونها جاهل مدعي.
لا تشغل بالك كثيرا بمعرفة من هو رئيس عشة الفراخ؟.. ولا تنظر في المرآة وتتحسس موضع أنفك لتعرف إن كان قد تحول إلى "منقار"، أو تتحسس خصلة شعرك لتعرف إن كان قد نبت لك "عرف" في مقدمة رأسك، فأصدقاء المقهى الذين أتحدث عنهم "ناس فاضية"، "شوية مثقفين" أو هكذا يظنون أنفسهم، ضيعوا نصف عمرهم في الجلوس على المقاهي والتنظير والتحليل والتوقع وتصيد "إفيه" جديد من هنا أو هناك، دون أن يعرفوا طبيعة شخصية سيادتك الملغزة، وبعضهم يتصور أنك مريض بآفة نفسية اسمها "تدمير الذات"، تتعرض للقهر والقمع من رئيسك المباشر أو ممن هو أقوى أو أكثر نفوذا منك، فلا تواجهه وترد القهر والظلم، وإنما تلتفت إلى من هم أضعف منك "ابنك أو مراتك" أو حتى مرؤوسك لتمارس عليه نفس القهر، أو توجه اللوم إلى نفسك، أو كما يقول المثل تخرز "سلياتك في قفا غيرك" وأهو قفا والسلام، وتبرر ضعفك وقيلة حيلتك بأي حجة، وتكثر من الشكوى والدعاء لله لكي ينقذك من مأساتك.
عموما.. لا تشغل بالك، ولا تبحث عن خريطة لتجد فيها أين تقع فراخستان، فهي دولة خيالية اخترعتها شلة المقهى إياها، وأنت زي الفل، وصحتك النفسية تمام التمام، وتستطيع أن تكمل قراءة الجرنال، وتتعشى وتنام، وتتغطى كويس، وربك يسويها، ويجازي شلة المقهى اللي عكروا مزاجك، ويجازيني أنا كمان علشان قلت لك عن آخر اختراعاتهم، بس انته إدعى ربنا يرزقهم بشغلانة تاكل كل وقتهم، فلا يجدون فسحة منه للجلوس على المقهى، ولا براحا من التفكير لكي يحللوا شئون العباد والبلاد.
mal3onaboeldonya@hotmail.com
أرابيسك أيمن شرف- الدستور 23 نوفمبر 2007
هل تعرف رئيس "عشة الفراخ"؟ سؤال غريب ربما، ولكن شلة أصدقاء المقهى تتحدث منذ فترة عمن تسميه "رئيس فراخستان"، يجمع كل فراخ بلاده في الصباح في قفص هائل ثم يهز القفص بكلتا يديه خمس دقائق متواصلة حتى تدوخ الفراخ تماما، ثم يفتح أبواب القفص ليتركها تخرج إلى أعمالها، فلا تنحرف يمينا أو يسارا عن طريقها إلى العمل.. تعمل بكسل وتراخ وقلة اكتراث ولا يهمها إلا بطنها، وإذا ما انتصف النهار عادت أدراجها لتقيل في الصيف أو تستدفئ في الشتاء ولا تفكر فيما هو خارج هذا القفص.. تعيش منكسرة محطمة بلا أمل في الحرية، لا تفكر في سر وجود رئيس فراخستان ولا تسأل نفسها عن شرعيته، وإذا أفاق بعضها أحيانا وراح يتساءل ويفكر ويستجوب عما وراء سور العشة.. عن الحياة الحقيقية التي هم جديرون بها قد ينبري له آخرون من الفراخ المرهقة المهزومة من داخلها لتدينه وتحاكمه وتطالبه بألا يتعب ضميرها المتعب أكثر من اللازم، وأن يتركها ترتاح مع هزيمتها، هذه الفراخ كانت قد انتباتها نوبة صحيان وراحت تتحدث عن حقوقها "كفراخ" في الحصول على الديموقراطية، وأن تعامل ككائنات طبيعية، لا يعذبها أحد في قسم شرطة أو سجن، ولا يضربها أمين شرطة قلمين في عرض الطريق، ولا يستنزف قوتها وقوت عيالها محتكر أو رأسمالي جشع أو يدير شئونها جاهل مدعي.
لا تشغل بالك كثيرا بمعرفة من هو رئيس عشة الفراخ؟.. ولا تنظر في المرآة وتتحسس موضع أنفك لتعرف إن كان قد تحول إلى "منقار"، أو تتحسس خصلة شعرك لتعرف إن كان قد نبت لك "عرف" في مقدمة رأسك، فأصدقاء المقهى الذين أتحدث عنهم "ناس فاضية"، "شوية مثقفين" أو هكذا يظنون أنفسهم، ضيعوا نصف عمرهم في الجلوس على المقاهي والتنظير والتحليل والتوقع وتصيد "إفيه" جديد من هنا أو هناك، دون أن يعرفوا طبيعة شخصية سيادتك الملغزة، وبعضهم يتصور أنك مريض بآفة نفسية اسمها "تدمير الذات"، تتعرض للقهر والقمع من رئيسك المباشر أو ممن هو أقوى أو أكثر نفوذا منك، فلا تواجهه وترد القهر والظلم، وإنما تلتفت إلى من هم أضعف منك "ابنك أو مراتك" أو حتى مرؤوسك لتمارس عليه نفس القهر، أو توجه اللوم إلى نفسك، أو كما يقول المثل تخرز "سلياتك في قفا غيرك" وأهو قفا والسلام، وتبرر ضعفك وقيلة حيلتك بأي حجة، وتكثر من الشكوى والدعاء لله لكي ينقذك من مأساتك.
عموما.. لا تشغل بالك، ولا تبحث عن خريطة لتجد فيها أين تقع فراخستان، فهي دولة خيالية اخترعتها شلة المقهى إياها، وأنت زي الفل، وصحتك النفسية تمام التمام، وتستطيع أن تكمل قراءة الجرنال، وتتعشى وتنام، وتتغطى كويس، وربك يسويها، ويجازي شلة المقهى اللي عكروا مزاجك، ويجازيني أنا كمان علشان قلت لك عن آخر اختراعاتهم، بس انته إدعى ربنا يرزقهم بشغلانة تاكل كل وقتهم، فلا يجدون فسحة منه للجلوس على المقهى، ولا براحا من التفكير لكي يحللوا شئون العباد والبلاد.
mal3onaboeldonya@hotmail.com
0 Comments:
Post a Comment
<< Home