Tuesday, November 29, 2005

وفد دولي يتفقد "مدينة البلطجية".. في أمان تام


تخيلات مستقبلية لما يمكن أن يحدث بعد خمسين عاما
تنشر تباعا في صحيفة الكرامة المصرية


بعد نجاح تجربة "المدينة الإرهابية" الرائدة منذ ثلاثين عاما والتي تمثلت في إقامة مدينة كاملة الخدمات والمرافق من إذاعة وتليفزيون ومدارس ونوادي اجتماعية وخلافه يقيم فيها الإرهابيون وأسرهم بدلا من السجون، حققت تجربة مدينة البلطجية أيضا نجاحا كبيرا، اتضح أثره تماما في جميع الانتخابات التي أجريت في مصر منذ إنشاء المدينة، وذلك بعد عزل البلطجية والمأجورين والمسجلين خطر وعتاة الإجرام بالإضافة إلى من كانوا يشغلونهم أو يؤجرونهم من المسئولين السابقين أو حتى المواطنين المتنافسين في أغراض الانتخابات أو أغراض أخرى عن المجتمع.

مدينة البلطجية التي صنعت كافة مبانيها ومنشآتها والأدوات المستعملة فيها من الأطباق والملاعق وحتى وسائل النقل من الورق المقوى أو الأخشاب غير الصلبة أصبحت معلما حضاريا مصريا، ومزارا سياحيا عالميا تفخر به مصر، واعتمدته عدة دول في المنطقة حلا لظواهر البلطجة وآثارها.

وقد حضر أمس وفد من "الهيئة الدولية لحماية الانتخابات ومنع الإرهاب والبلطجة" التابعة للأمم المتحدة ولفيف من أسر الضحايا في الماضي احتفالا كوميديا أقامه "سكان المدينة من البلطجية السابقين بمناسبة "الأسبوع العالمي لضحايا البلطجة" الذي يوافق ذكرى الدورة الثانية من آخر انتخابات مصرية شهدت درجة غير مسبوقة من العنف اعتمادا على بلطجية حزب العصر البائد في نوفمبر 2005، وكانت الفعالية الرئيسية في الاحتفال عرض مسرحي اسمه "حكم البلطجة.. بلطجة الحكم" شخصوا فيه أبرز مظاهر العنف الدموي في تلك الفترة باستخدام سيوف وسنج ومطاوي وآلات حادة كلها مصنوعة من الورق ومواد لدنة أخرى غير مؤذية للبشر.

وتمت جولة الوفد في أنحاء المدينة من بوابتها الرئيسية وحتى مسرحها المغطى مرورا بشارع "العادلي" وشارع "الوطني" وشارع "لجنة السياسات" وشارع "لاظوغلي" في سلام تام وبدون أي حراسة أمنية، وزار الوفد النصب التذكاري لـ "البلطجي المجهول" والذي يرمز لأول بلطجي مصري قرر أن ينتقم من رجال الأمن الذين استخدموه في ضرب وقتل أطفال ومواطنين أبرياء، وذلك بعد أن أفاق من توهان "الكلة" التي كان يتعاطها في أقسام الشرطة حتى لا يشعر بأي ألم عند ضربه، وأصبح فيما بعد نموذجا أعلى للبلطجية المقيمين في المدينة.

يذكر أن التجربتين "المدينة الإرهابية" و"مدينة البلطجة" قد حظيتا بتشجيع عالمي من كافة دول العالم، باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية التي قررت الامتناع عن دفع حصتها المالية في "الهيئة الدولية لحماية الانتخابات ومنع الإرهاب والبلطجة"، واعترضت على التجربتين بحجة أنهما تمثلان انتهاكا لحق من حقوق الإنسان في أن يعيش داخل مجتمع طبيعي غير مصطنع، واستقبلت "الحجة الأمريكية" بسخرية لاذعة في محافل دولية، ووصفها وزير خارجية الصين الدولة العظمى في العالم بأنها "حيلة باطلة من المسفيد الأول من الإرهاب والبلطجة في العالم"، وقال مؤرخون ومحللون سياسيون بارزون إن الولايات المتحدة رغم عدم اتباعها مبادئ البلطجة على الصعيد الداخلي إلا أنها دعمت وساندت أنظمة كثيرة في العالم من بينها "نظام العهد المباركي"، وهي تعلم جيدا أن الوسيلة الوحيدة لبقاء تلك الأنظمة هي البلطجة، وأن عنصرا أساسيا في السياسة الخارجية الأمريكية للهيمنة على العالم العربي والإسلامي كان يقوم على ذريعة الإرهاب، ومع اختفاء الظاهرة يفتقد صناع سياستها إلى حجة ضرورية لحروبهم وفرض هيمنتهم في الخارج.

2 Comments:

At 12:12 PM, Anonymous Anonymous said...

موضوعك بمقدار ما هو ساخر بمقدار ما هو محزن.
ودولة البلطجة لم تتواجد فى انتخاباتنا الحالية ولكنها فى رأيى موجودة منذ 24 سنة.
وإلا فقل لى كيف وبأية حجة يسمح نظام لنفسه باحتكار الحكم رغم أنف شعبه كل هذه السنين؟
أليست هذه بلطجة؟
وماحدث فى الانتخابات الأخيرة ما هو إلا بلطجة فى أكبر تجلياتها بعد أن كبرت وأتمت عامها الـ24.
والحكاية برمتها تدل فى رأيى على خوف وضعف وجبن من السلطة, بالإضافة لانعدام ضمير وأخلاق ودم.
فى رأيك كيف الخلاص؟؟ ومن أين تكون البداية؟؟
موضوعك مهم ورائع, وساخر ومؤلم, ولكنه فى قلب الحقيقة. جدا.

نيفين عمر

 
At 12:17 PM, Blogger aymansharaf said...

أشكرك على اهتمامك وتعليقك
أي سلطة قاهرة ليست حتما، ليست قابلة للبقاء للأبد، وليست مستعصية على الرد عليها.
مجتمعنا يفرز نوعين أو ثلاثة أنواع من السمات الشخصية فيما يتعلق بالتعامل مع السلطة- الحكم:
واحدة الاستكانة والجبن والبعد عن وجع الدماغ.. أكثرية
والثانية الجرأة والمواجهة والقدرة على التضحية.. أقلية
والثالثة انتهازية جريئة شبقة إلى السلطة وهي أيضا أقلية

الأخيرة تستأثر بالسلطة ومن ورائها الثروة
المهم أن يحدث تحول في الأكثرية لتندفع مع الأقلية الثانية لتضرب الأقلية الثالثة على قفاها..

المسألة ليست مجرد سخرية.. ضروري جدا أن يستعمل كل شخص حقه في الدفاع عن مصالحه وحريته..

والمسألة ليست بعيدة ولا صعبة.. وسائل المواجهة تبدأ من الحط من قدر السلطة ومرمغة كرامتها في التراب، وقطع الطريق عليها في كل سكة وحتى ممكن ضربها بالجزمة القديمة..

المهم العزم والشدة ومش مهم النتائج

 

Post a Comment

<< Home