Wednesday, May 24, 2006

شعب هاتولي حبيبي

أرابيسك

نشر في الدستور المصرية 24 مايو 2006


الإفيهات العظيمة –وحتى العادية منها- كالأفكار العظيمة، ينبغي أن تنسب إلى أصحابها، فحقوق الملكية الفكرية أصبحت مبدأ عالميا يجب مراعاته.

مثلا، عندما ذهب عدد من مجموعة "أدباء وفنانون من أجل التغيير" للتضامن مع القضاة الخميس قبل الماضي واجههم ضابط محذرا "لا داعي للهتاف يسقط مبارك"، فضحك منه الأدباء والكتاب والفنانون وأشاروا بإبهامهم إلى أعلى، إلى السماء وهتفوا "يصعد مبارك" يصعد مبارك".

منذ فترة سمعت أن أمين اسكندر –الكادر الناصري المعروف- يقول إن فلانا يقول في رفيقه حمدين صباحي –عضو مجلس الشعب ووكيل مؤسسي حزب الكرامة ورئيس تحرير صحيفة الكرامة- كلاما لم يسمعه من قساوسة في الكنيسة عن يسوع المسيح عليه السلام، فأكملت من عندي أن "أمين اسكندر عنده حق، فحمدين فعل لفلان هذا ما لم يفعله الرب ليسوع، ففلان الذي يتحدث عنه ليس صديقا ولا نبيا ولا تظهر عليه أمارات أي موهبة –اللهم إلا إذا كان النفاق موهبة- ومع ذلك يوفر له حمدين كذا وكيت... وبعد يومين لا أكثر سمعت هذا الإفيه من ثلاثة أشخاص ينسبونه لأنفسهم، فقلت سامحهم الله.. متى تنتشر ثقافة الملكية الفكرية في بلادنا!

الأسبوع الماضي جلس أحد الأصدقاء المعروفين بالأفكار المتجددة والإفيهات الطازجة مع رئيس تحرير جريدة أسبوعية شعبية، وفي العدد التالي للجلسة مباشرة قرأت افتتاحية رئيس تحريرها فلمحت بصمات صديقنا واضحة في المقال، فطالبته بأن يعزمنا على القهوة والشاي والشيشة ما دام رئيس التحرير إياه يدفع له في الجلسة الواحدة ربع مرتبه الشهري.

لصاحبنا هذا تحليل للحالة المصرية يختصره في كلمتين "هاتولي حبيبي" وتفصيلها أن اللورد كرومر حضر ذات مرة حفلا للشيخ عبده الحامولي غنى فيه أغنية طويلة جدا وترجمت المعاني للورد كرومر فاندهش من قلة حيلة المطرب –المحب ومن يعبر عنهم في كلمات أغنيته "يا مين يجيب لي حبيبي"، ووصل إلى استنتاج بسيط جدا هو أن الشعب المصري لا يريد أن يفعل شيئا، ويكتفي بالشكوى والدعاء والاستعانة بالقوى المجهولة لكي "تجيب له حبيبه".

وصاحبنا يضيف أمثلة كثيرة من اللزمات الأساسية في الأغاني المصرية ومنها مطلع أغنية شهير لفريد الأطرش يقول "يا ليل... يا ورد... يا زهر.. يا أغصان.. هاتولييي.. م الحبيب... كلمة.. تواسي.. العاشق الحيرااااان"، ولكني للاطمئنان راجعت صاحبنا في حقوق الملكية الفكرية للإفيه فقال بأدب وتواضع "صاحب هذا الإفيه هو الأستاذ أحمد الحصري الكادر العتيد في حزب التجمع".

وعلى الرغم من اندثار مثل هذه الوصلات الاستسلامية من الأغاني المصرية تقريبا، إلا أن المصريين في أغلبهم مازالوا كذلك: النفاق شيمة أصيلة لكثيرين، والميل لجمع المنافقين والاستئناس بهم وربما تربيتهم سمة غالبة لدى كثيرين سواء كانوا سلطة أو معارضة ليعوضوا نقصا أصيلا أو أوهاما كبيرة عن ذواتهم، والاستسلام والاستكانة والاتكال على الآخرين، وعلى قوى غيبية لأداء الواجب والدفاع عن الحق، والهروب من الصف الأول إلى آخر صف، والانتهازية، والبحث عن أي حجة للتراجع، وترك الآخرين يدفعون ثمن النضال.. كل ذلك مذهب معروف في مصر، ولكم في إيماءات المارة من عموم المصريين وهم يشاهدون المظاهرات أو يتفرجون –كما لو كانوا في سيرك- مشاهد ضرب الشرطة للمتظاهرين، مثال واضح" يضاف إلى غيره. لكن دوام الحال من المحال، وليس بعيدا ذلك اليوم الذي يتوقف فيه غالبية المصريين عن الفرجة ويطلعوا على المسرح ليصنعوا مصيرهم بأنفسهم.

2 Comments:

At 2:50 AM, Anonymous Anonymous said...

Hmm I love the idea behind this website, very unique.
»

 
At 3:21 PM, Anonymous Anonymous said...

Your are Nice. And so is your site! Maybe you need some more pictures. Will return in the near future.
»

 

Post a Comment

<< Home