Thursday, December 20, 2007

ثلاثة جنرالات


جنرال يخلع ملابسه، وجنرال يختار جنرالا، وجنرال يخلع جلده، الأول في باكستان، والثاني في لبنان، والثالث في مصر..
برويز مشرف يخلع بدلته العسكرية مضطرا منصاعا لإرادة شعبية وقضائية لكي يتمكن من دخول الانتخابات الرئاسية في باكستان التي تشهد فورانا وحيوية سياسية، ويعود من المنفى رئيسا وزراء سابقين لمنافسته، أو اقتسام السلطة معه، ربما أنها موازانات وتدخلات خارجية فرضت على الديكتاتوري العسكري التنازل النسبي مع الاحتفاظ بجزء من السلطة، لكن الفيصل هو "حيوية الحياة السياسية" في باكستان، وذكاء مشرف في ادراك المتغيرات ومحاولة استيعابها.. قد يحاول الالتفاف عليها لكنه يدركها ويدرك خطورة الوقوف ضدها كلية.
وميشيل عون في لبنان أدرك بذكائه أنه يحتاج إلى وجه يقبله الجميع _ المعارضة والموالاة _ فاختار جنرالا ليكون مرشح معسكره السياسي للرئاسة اللبنانية، أملا في انتهاء أزمتها السياسية، التي يريد آخرون إبقائها مشتعلة، لخلق وضع دستوري مختل يسمح لهم بتدخلات أكثر، واختيار عون لهذا الحل الوسط فرضه واقع التعدد السياسي اللبناني.
والرئيس مبارك، جنرال في بدلة مدنية، يريد أن يغير جلده لا أكثر، ولم تسعفه فطنته لكي يدرك خطورة أن يأتي ابنه من بعده إلى منصب الرئاسة حتى ولو كان بانتخابات معروف نتائجها سلفا، غلبته مشاعر الأبوة لكي يعوض ابنه عن شئ ما، أو يمنحه -وهو في التاسعة والسبعين- ما تبقى من مكانته، وشجعه موات الحياة السياسية في مصر بعد أن صادرت الدولة كل قواها الاجتماعية على ألا يقدر خطورة الموقف على ابنه نفسه، ولكي تتأكد من ذلك فقط تخيل ماذا كان سيفعل اللبنانيون في الرئيس السابق إميل لحود أو رئيس مجلس النواب نبيه بري أو رئيس الوزراء فؤاد السنيورة لو رشح أحدهم ابنه مكانه. ماذا كان سيفعل الباكستانيون في برويز مشرف لو صعد ابنه ورشحه للرئاسة، تخيل الاحتجاجات في الشوارع وعناوين الصحف ورسوم الكاريكاتير وأحكام القضاء وبرامج التلفزيون، وردود الأفعال المحتملة هذه هي التي تجعل أيا من هؤلاء لا يجرؤ -بل لا يخطر في باله- مثل ذلك السيناريو الهزلي. أما في مصر فالهزل وارد، لكن الاحتمالات أيضا كلها مفتوحة، والنتائج الكارثية سيدفع ثمنها الجميع، ولن تكفي "رشاوى" مؤقتة لشرائح معترضة –ليس فقط على التوريث بل على سوء أوضاعها بشكل عام- كالقضاة أو الإخوان أو الصحفيين أو نشطاء المجتمع المدني أو العمال، ولن يفلح تشديد القبضة الأمنية وتكميم الحريات سوى في تمرير "عملية الانتقال" أما ما بعد ذلك فلا يعلمه أحد إلا الله.
أرابيسك أيمن شرف الدستور 2 ديسمبر 2007

mal3onaboeldonya@hotmail.com



0 Comments:

Post a Comment

<< Home