Monday, December 31, 2007

شيخ المراجعات



ربما تستغرب لو قلت لك أن التفكير العلمي المنهجي هو أفضل وسائل الاستثمار في عصرنا الحالي، وفي حالة مصر هو أفضل وسيلة لتجنب الكوارث، خير مثال على ذلك ما قرأته أخيرا بحكم المهنة من أضابير بحث كتبه "شيخ المراجعات" سيد إمام الشريف قبل ليلة من القبض عليه في اليمن في11 أكتوبر2001, والحقيقة أنه كلام غريب وعجيب وصادم للغاية خذ مثلا.. يقول "من قال إن الإسلام برئ من الإرهاب أو أراد التفريق بينهما فقد كفر.. فالإرهاب من الإسلام" ويضيف "القول بأن المدنيين أبرياء خطأ وتقسيم الناس إلى مدني وعسكري تقسيم حديث مخترع ليس له أصل في شريعة المسلمين ويجوز قتل الدروع البشرية إذا احتمى بها الكافر المقاتل واختلاط من لا يستحق القتل بمن يستحق لا يمنع من قتل الجميع عند تعذر التمييز بينهم" ويقول أيضا "تسمية الدول الغربية بالعالم المتحضر خطأ فهم أهل الضلال والظلمات والنجاسات وهم أولياء الشيطان ومملكة إبليس" ويتابع أيضا أن "القوانين الوضعية دين جديد من شرعها أو عمل بها فقد كفر.. والديمقراطية دين جديد ومن اتبعها أو دعا إليها فقد كفر".
الرجل باختصار يبرر العنف استنادا لقراءة سطحية لنصوص دينية وطريقة بالية في فهم التراث الفقهي، هو يقول كلاما يليق بطالب ثانوية عامة متخلف التفكير، وهو أيضا لا يعرف عن الدنيا شيئا والدول الغربية بالنسبة له "شيله واحدة.. نجاسات وظلمات ومملكة إبليس"، وبسهولة شديدة يصم الناس بالكفر.
منهج في التفكير بسيط وتافه، لا يتأمل مصادر القوانين الوضعية ولا يحترم الفكر البشري، ونتاج الخبرات البشرية المتراكمة عبر آلاف السنين.
الطريف والمصيبة في آن واحد أنه كان يكتب ذلك البحث ليكون دليلا هاديا لتلاميذه ومريديه، لكنه لم يكمله -والحمد لله- بسبب القبض عليه, لكن تلامذته وأحباؤه نشروه بعد ذلك على عدد من المواقع الجهادية.
لو كان هذا الرجل وآلاف غيره -بل ملايين- تعلموا منذ نعومة أظافرهم إعمال العقل والتفكير العلمي وقرأوا شيئا عن تاريخ الأديان وتطورها وعلاقة ذلك بأفكار البشر عن الطبيعة وما وراء الطبيعة، ولو قرأوا شيئا من الفلسفة وتعرفوا على خلاصة علوم الدنيا وأخذوا فكرة عن تطور الغرب وانحدار الشرق وأسبابه الاجتماعية والاقتصادية.. لو كان ذلك قد حدث، لتجنبنا مهازل الحركات الراديكالية في عالمنا الإسلامي، ولما احتجنا إلى سجون وتعذيب وآلة قمع جهنمية لمواجهتهم وإجبارهم شكليا على "مراجعة أفكارهم". فمن الصعب أن تصدق أن رجلا قال هذا الكلام قد تراجع عنه "في السجن" وقال عكسه180 درجة، ما لم يكن معصوب العينين والإرادة الحرة

أرابيسك- أيمن شرف- الدستور 4 ديسمبر 2007

mal3onaboeldonya@hotmail.com





1 Comments:

At 2:38 PM, Blogger ياسر شمس الدين said...

يا استاذ ايمن التطرف موجود فى كل حاجة بنشوفها فى حياتنا دلوقتى تطرف من المسلمين تطرف من المسيحيين تطرف من المثقفين تطرف من الملحدين تطرف بنقابلة فى كل فكر وكل مكان
والحل مش ان احنا نقرا تطور الفكر الاجتماعى وحاجة الانسان لمعرفة اصل الاديان الحل ان الدنيا كلها تتغير والناس اللى بتفكر بعقل واعى ومتحضر من اى اتجاه دينى علمانى الخ الخ لازم الناس ديه تاخد فرصتها فى توعيه الناس وتغير المجتمع
وعلى فكرة مقالاتك فى الدستور زى الفل

 

Post a Comment

<< Home