بوش وطواحين الهواء
يستطيع الرئيس الأمريكي بوش أن يعد سيفا خشبيا ليحارب طواحين الهواء، أو يجهز سكينا منزليا لتقشير البصل، لكي يجد ما يسلي نفسه به في العام المتبقى له من فترته الرئاسية، استعدادا للفراغ الذي سيعيشه بعد أن يغارد البيت الأبيض، غير مأسوف عليه من أنصاره في الحزب الجمهوري ولا من خصومه في الحزب الديموقراطي.
لا يتبقى أمام بوش سوى الاستعداد لكيفية قضاء وقت فراغه، ومن حين إلى آخر يمكنه أن يخرج بتصريح خطابي فارغ عن أن "كل الخيارات مازالت مطروحة" كما فعل فور صدور التقرير المخابراتي في محاولة لاحتواء أثره داخل أمريكا وخارجها.
الرئيس بوش لن يمكنه التهديد أو الإعداد لحرب على إيران في السنة المتبقية له في الحكم، فقد ألقى تقرير وكالة "ناشيونال انتيليجنس استيميت" التابعة لمجلس الامن القومي الامريكي ماء باردا على وجهه –حسب تعبير راند بيرس رئيس شبكة الامن القومي البحثية والعضو السابق بمجلس الامن القومي بادارة بوش، فقد نزع التقرير منه حجته لتبرير حرب عليها، التقرير يقول إن إيران ليس لديها مشروع نووي سري، وهو ما يتفق تماما مع تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية في جنيف، ويستبعد احتمالات أن تتمكن إيران من صنع قنبلة نووية أو مشروع نووي عسكري إلى عام 2015 أو 2009 على الأقل، هذا إذا سعت من أصله إلى ذلك، وإذا توقف إشراف ورقابة الوكالة الدولية على أنشطتها النووية.
التقرير يشجع أيضا كلا من روسيا والصين على رفض تصعيد العقوبات، وربما يتيح لأوروبيين مترددين في موقفهم تجاه إيران على التراجع عن مناصرة الولايات المتحدة و"دعاة الحرب" ممن تبقى من المحافظين الجدد في إدارة بوش.
والتقرير في كل الأحوال يمثل "إبراء ذمة" من أجهزة الاستخبارات الأمريكية من دم إيران الذي يمكن أن تسيله الإدارة في عامها الأخير، وهو "كارت أحمر" تصدره الأغلبية الديموقراطية في الكونجرس التي كلفت أجهزة المخابرات بإعداد تقرير موضوعي ومحايد، يؤكد قدرة تلك الأغلبية على فرملة الرئيس ونائبه "تشيني".
والآن يستطيع الخليجيون الذين أصروا على الإمساك بالعصا من المنتصف في إدارتهم للعلاقة مع إيران أن يميلوا نحو جارتهم إيران، وينفضوا من أيديهم فكرة إعداد المسرح للحرب، أما إسرائيل "المحرض الرئيسي" لأمريكا على الحرب أن تفتعل "تقارير مخابراتية" عن قدرة إيران النووية أو الصاروحية لكي تبقي التهديد الأمريكي مشرعا.
وفي مصر ينبغي أن تعيد إدارتها السياسية كل حساباتها تجاه إيران، ما لم يكن لديها
أغراض أخرى –أكثر ملكية من الملك- ولا يعرفها أحد.
أرابيسك - أيمن شرف - الدستور 5 ديسمبر 2007
0 Comments:
Post a Comment
<< Home