الإساءة للرسول وجمال مبارك
هل تتذكر الصور المأساوية لمقتل الطفل الفلسطيني محمد الدرة.. ذلك المشهد الذي فجر ردود أفعال عربية وعالمية واسعة؟ مظاهرات وتعاطف جارف مع الشعب الفلسطيني وإدانات وشجب لمجازر المحتل الإسرائيلي، لكن تكرار مشاهد القتل المأساوية بشكل شبه يومي عبر القصف الصاروخي من الطائرات لمدنيين عزل لم يعد يفجر نفس ردود الأفعال، وأصبح الخبر الملفت هو الذي يحمل محتوى نوعيا جديدا في طبيعة العنف وأسلوب القتل.
ينطبق الحال أيضا على العراق.. اعتاد الناس على أخبار الانفجارات والعثور على مجموعات من الجثث مقيدة اليدين مقتولة برصاص في الرأس.. الدهشة الأولى انتهت وبردت المشاعر وهدأت ردود الأفعال.. نفس الشيء مع النشر الأول للرسوم المسيئة للرسول ثم إعادة النشر مجددا؛ عاصفة من المظاهرات والشجب وتنظيم حملات لمقاطعة السلع الدنماركية ومطالبة بسحب السفراء وطرد البعثات الدبلوماسية للدنمارك، ثم ردود أفعال لامبالية في المرة الثانية.
هذا هو الميكانيزم النفسي للشعوب، وليس العربية فقط كما يحلو للبعض أن يقول، بل لكل الشعوب تقريبا؛ المفاجأة والدهشة تصنع رد فعل قويا، والاعتياد والتكرار يجعل رد الفعل باردا أو حتى محبطا يائسا، وهذا ما يدركه جيدا كثير من السياسيين وأجهزة المخابرات التي تستعين النفس كثيرا وتستفيد من دراساتهم لسلوكيات المجموعات البشرية تجاه الأحداث المختلفة والتدرج في جرعات المصائب.
نفس التكنيك تستخدمه إسرائيل والدنمارك والاحتلال الأمريكي في العراق، وحتى النظام المصري.. خذ مثلا فكرة تصعيد جمال مبارك في عالم السياسة.. الفرق بين الحالات الأولى والحالة الأخيرة - حالة جمال- هو أن الأولى تبدأ بالصدمة ثم اللعب على "الاعتياد"، أما الثانية فتعتمد على تحقيق الهدف عبر جرعات والتدرج في التبرير، والتراجع النسبي في فكرة "نفي الانطباع المتولد لدى الناس"، ولك أن تتابع "صيغ النفي" على لسان الرئيس ولسان جمال.. في البداية نفي مطلق لفكرة التوريث، وعبارات من نوع "لا أفكر ولا أنوي ولا أطمح" و"مصر ليست سوريا" ثم بعدها "ابني بيساعدني مثل بنت شيراك التي تساعد أباها"، ومؤخرا وفي جلسة ضيقة في الحزب الوطني يقول الرئيس "لو الشعب عايزه ينتخبه"، وهكذا يبتلع الجمهور أقراص المهدئات واحدا تلو الآخر، ولا مانع من أن يخرج "آحاد" في صحف حكومية سيئة السمعة يهاجمون المعارضة التي تريد أن تمنع "مواطنا" هو جمال مبارك "من حقه الطبيعي كمواطن" في الترشح لمنصب الرئاسة!
هناك بالطبع فروق بين قتل الأطفال والمدنيين والإساءة للرسول وتصعيد جمال، لكنها جميعا "مصائب" تريد إسرائيل والدنمارك والنظام المصري "تعويد" الناس عليها.. والميكانيزمات واحدة.
أرابيسك - أيمن شرف - الدستور فبراير 2008
mal3onaboeldonya@hotmail.com
2 Comments:
خلال الثلاثين عاما الماضية تعرضت مصر الى حملة منظمة لنشر ثقافة الهزيمة بين المصريين, فظهرت أمراض اجتماعية خطيرة عانى ومازال يعانى منها خمسة وتسعون بالمئة من هذا الشعب الكادح . فلقد تحولت مصر تدريجيا الى مجتمع الخمسة بالمئه وعدنا بخطى ثابته الى عصر ماقبل الثورة .. بل أسوء بكثير من مرحلة الاقطاع.
هذه دراسة لمشاكل مصرالرئيسية قد أعددتها وتتناول كل مشاكلنا العامة والمستقاة من الواقع وطبقا للمعلومات المتاحة فى الداخل والخارج وسأنشرها تباعا وهى كالتالى:
1- الانفجار السكانى .. وكيف أنها خدعة فيقولون أننا نتكاثر ولايوجد حل وأنها مشكلة مستعصية عن الحل.
2- مشكلة الدخل القومى .. وكيف يسرقونه ويدعون أن هناك عجزا ولاأمل من خروجنا من مشكلة الديون .
3- مشكلة تعمير مصر والتى يعيش سكانها على 4% من مساحتها.
4 - العدالة الاجتماعية .. وأطفال الشوارع والذين يملكون كل شىء .
5 - ضرورة الاتحاد مع السودان لتوفير الغذاء وحماية الأمن القومى المصرى.
6 - رئيس مصر القادم .. شروطه ومواصفاته حتى ترجع مصر الى عهدها السابق كدولة لها وزن اقليمى عربيا وافريقيا.
ارجو من كل من يقراء هذا ان يزور ( مقالات ثقافة الهزيمة) فى هذا الرابط:
http://www.ouregypt.us/culture/main.html
موضوع متميز
تحيه على مجهودك
تقبل خالص مرورى واخترامى لك
Post a Comment
<< Home