Tuesday, January 03, 2006

افتتاح متحف تعميق الديموقراطية على أنقاض لاظوغلي

تخيلات مستقبلية لما يمكن أن يحدث بعد خمسين عاما
تنشر تباعا في صحيفة الكرامة المصرية
مواطنون يكتبون بالدم:
ـ "إلى جحيم الخلد يا سفلة"
ـ "اتفوه على كل من سولت له نفسه أن يقمع شعبه ويسرق ناسه ويهرب إلى سنغافورة"
ـ "يوم هروبكم على متن يخوتكم وطائراتكم يا شيوخ المنصر.. هو يوم عيدنا الأكبر"
ـ مواطن يعلق مسئولا في فلكة، وآخر يأمره بتمرين "ستة استعد" خمسين مرة
ـ مسئول يسير عاريا في الشوارع يلطم خديه قائلا "أنا اللي جبت ده كله لنفسي"

على مدخل قاعة "أبناء كبار المرتشين" لافتة تقول:
ـ "تبرعوا لشراء شقة في نايتسبريدج وتأسيس شركة في لندن

افتتح الرئيس المصري أمس متحف تعميق التعبير الديموقراطي الأول من نوعه في مصر والعالم العربي وحضر الافتتاح عدد من القادة العرب المنتخبين في انتخابات حرة ونزيهة، ولفيف من الممثلين الحقيقيين للشعب المصري، وسط جمهور من المواطنين، دون أدنى مظاهر التشريفات الرئاسية المزعجة والإجراءات الأمنية المتعسفة.

وتجول الحاضرون في أروقة وقاعات المتحف المختلفة المقسمة موضوعيا، ومن بينها قاعة "إبداء الرأي الحر في كبار المسئولين" والتي تضم تماثيل من كافة الأحجام والأشكال للرؤساء والوزراء والبرلمانيين السابقين والحاليين، وهي مجهزة بكافة الإمكانيات اللازمة للمواطنين "للتعبير عن رأيهم" في أولئك المسئولين بمختلف أشكال التعبير الشائعة لدى المصريين، إلى جانب صالة كبيرة تحوى أجهزة كمبيوتر لإعداد تصميمات تعليقاتهم وآرائهم قبل لصقها على التماثيل أو وضعها إلى جانبها.

ومن المشاهد التي رصدتها كاميرات التليفزيون في المتحف الفريد من نوعه حتى الآن آثار ضربات الكفوف والأحذية على قفا ووجه ومقعدة تماثيل ديكتاتوريين سابقين، وتعليقات مواطنين كتبوها بالدم في اللوحة الرئيسية بالمتحف أو في سجل الزوار، من بينها "إلى جحيم الخلد يا سفلة"، "اتفوه على كل من سولت له نفسه أن يقمع شعبه ويسرق ناسه ويهرب إلى سنغافورة"، "يوم هروبكم على متن يخوتكم وطائراتكم التي اشتريتموها من أموالنا يا شيوخ المنصر.. يوم عيدنا الأكبر".

وفي قاعة "عقاب المسئولين" والتي تنقسم إلى قسمين العقاب المادي والعقاب المعنوي، يجلس المواطن أمام جهاز الخيال البصري ويختار المسئول السابق الذي يريد معاقبته وطريقة العقاب حسب برامج الكمبيوتر المتاحة أو ما يبتكره هو شخصيا، كأن يعلقه في فلكة، أو يأمره بأن يلعب تمرين "ستة استعد" خمسين مرة، أو أن يعمل عجين الفلاحة أو يرقص رقصة القرد أبو سديري، أو رقصة المجنونة، أو يجعله يسير عاريا في الشوارع لاطما خديه ويقول "أنا اللي جبت ده كله لنفسي".

وإذا كان المسئول حيا –وثبت أنه من الفاسدين- يخضع لتنفيذ مثل تلك العقوبات، وتصور على الهواء مباشرة لعرضها على المشاهدين من المواطنين والذين يحق لهم اقتراح أي شكل مبتكر من العقاب.

ومن بين القاعات أيضا قاعة "كبار المرتشين" وتضم الأرشيف الشخصي لكل الذين باعوا ضمائرهم من المسئولين السابقين ومن استغلوا نفوذهم أيام الحزب البائد، وإلى جانبها مباشرة قاعة "أبناء كبار المرتشين" والتي كتب على مدخلها لافتة "تبرعوا لشراء شقة في نايتسبريدج وتأسيس شركة في لندن"، في إشارة لابن أحد كبار المسئولين الذي اشترى وهو في مقتبل حياته العملية -قبل خمسين عاما تقريبا- شقة في أرقى أحياء لندن نايتسبريدج وقدم له المليونير المصري الراحل محمد آل عايد ديكوراتها هدية وعربون صداقة مع أبيه وباقي أفراد الأسرة الملكية المبجلين، وأسس شركة رأسمالها 54 مليون دولار (أي ما يزيد عن 150 مليون جنيه مصري في ذلك الوقت)، جمعها على حس اسم المحروس والده من أصدقاء خليجيين.

ثم قاعة "مزبلة التاريخ" وتضم نسخا ضوئية مكبرة من كافة القرارات والقوانين المتعسفة من قوانين الطوارئ وقوانين الانتخابات "التفصيل" والتعديلات الدستورية على مقاس الحزب المهترئ البائد ورئيسه وكوادره الفاشلين والتي أصدرها الديكتاتور الأسبق وأعوانه من ترزية القوانين والنواب البصمجية والمنافقين، وكتب في مدخلها "قوانين الطوارئ لم تنقذكم من غضبة الشعب"، في إشارة لمرحلة عانى فيها المصريون الأمرين من قوانين الطوارئ قرابة ثلاثين عاما.

وقاعة "لقطاء الصحافة" وتضم ثلة من المأجورين أدعياء الصحافة والكتابة الذين طبلوا وزمروا ما وسعهم الطبل والزمر للحكام الفاسدين وزينوا لهم سوء أفعالهم، في مقابل ملء كروشهم من الأموال الحرام.

وقاعة "حديقة الحيوانات السياسية" وتضم مرتزقة العمل السياسي الذين حصلوا من قبل على تراخيص حزبية شكلية لتكملة ديكور "الديموقراطية الزائفة" في العهد الديكتاتوري.

وقاعة "أدوات ممارسة القمع التاريخية" أيام الحزب إياه، وفيها جميع أدوات القمع الانتخابي التي سبق استخدامها في مصر قبل نصف قرن ونيف، من شوم وبلط وسنج ومطاوي وسيوف و"أيدي مثنية الخنصر" والتي اعتبرت رمز البلطجة بلا منازع في زمن الحزب الفاني، إلى جانب نماذج لآلات التعذيب التي استخدمت في السجون والمعتقلات المصرية سابقا.

وهناك أيضا قاعة "أرشيف الفاسدين" والتي تضم السير الذاتية لهم وكافة المستندات والوثائق التي تثبت نمو ثرواتهم بالنصب والاحتيال، وجميع التسجيلات والكتب التي تناولت تاريخهم الأسود، والصفقات المشبوهة التي عقدوها، والأحكام القضائية التي امتنعوا عن تنفيذها أيام كانوا في السلطة.

وقالت أ.د. لبنى مصطفى المصري أستاذة تاريخ الشعوب الحرة بجامعة القاهرة وأمين عام المتاحف الحديثة للكرامة إن المتحف أقيم على مساحة مجاورة لمجلس الشعب قدرها عشرة أفدنة، فوق أنقاض مقر مباحث أمن الدولة ووزارة الداخلية قبل نحو نصف قرن من الآن، والتي اشتهرت قديما باسم لاظوغلي، وقد أعد مدخل خاص في المتحف يؤدي إلى مجلسي الشعب والشورى ومجلس الوزراء، بحيث يتعين على كافة أعضاء الهيئة التشريعية والتنفيذية المرور من المتحف عند دخولهم وخروجهم ليأخذوا عظة وعبرة مما يجري للمسئولين الفاسدين من السابقين والحاليين، ويتعرفوا على آراء عامة المصريين فيهم، وبذلك يلتزموا حدود الأدب في ممارساتهم الديموقراطية.