Tuesday, December 11, 2007

محمد -عبلة- أبوسويلم



بقدر معرفتي بتجبر السلطة وتوحش رأس المال في مصر حاليا، واختلاطهما معا بحيث لا تعرف أحيانا من يقود الآخر، بقدر ثقتي في أن محمد عبلة -أو محمد أبوسويلم المعاصر تلك الشخصية التي رسمها بحرفية تقارب الواقع يوسف شاهين في فيلمه الأرض- يستطيع أن ينتصر في معركة "الأرض" على جزيرة القرصاية.
فعبلة ليس مجرد فنان تشكيلي وليس مجرد صديق، بل هو مثقف عنيد صاحب قضية جاد دؤوب.. صوفي متعمق في معرفة دروب الصوفية، وأخ أكبر لشباب الفنانين يأخذ بيدهم يشجعهم، ويخوض معاركهم ومعاركه دون أن يتحسب للعواقب أو الخسائر، لا يهتز أو يتوقف أمام الأزمات، منخرط طول الوقت وسط أبناء مجتمعه ومهموم بأفكار زمنه، يصر على أن يمثل الفن رؤية الفنان لعصره ومعايشاته وواقعه ومجتمعه، لا أن ينفصل عنه ليمثل أفكار ثقافة أخرى أو رؤى الآخرين. هو مثقف حقيقي أو كما تقول أدبيات السياسة "مثقف عضوي".
معارضه الفنية تشي برؤيته الاجتماعية، في أحدثها والذي حمل عنوان "العائلة" ينبه إلى تآكل الطبقة الوسطى بجمالها الإنساني، بتوحدها وزهوها بنفسها، هو يحن إلى عائلته وطفولته وطفولتنا، لكنه في نفس الوقت يتمنى أن تنتقل "قيم العائلة- الأسرة" إلى الأجيال المقبلة وكأنه يبحث عن لغة للمستقبل، وفي معرض آخر قبله يشير إلى تغول السلطة وسيطرة الأمن على الحياة العامة، بإشارات ذكية لا تخرج الفن إلى "خطابية زاعقة".
معاركه من أجل إصلاح المؤسسة الثقافية في مجال الفن التشكيلي لا تتوقف، يهزمونه تارة ويقصونه عن الساحة تارة أخرى، لكنه لا يلين، بل يزداد إصرارا على هدفه النبيل، وهو من البداية كان حريصا على ألا يكون "ربيب" المؤسسة، بل مستقلا عنها قادرا على نقدها ومعارضة "سياستها –التي تبناها بجدارة وزير الثقافة الحالي- في تفكيك وتفريغ الحركة التشكيلية المصرية من محتواها" والدفع بها إلى زوايا بعيدة عن اهتمامات الناس وقضايا الوطن، إلى عزل الفنان في قوالب فنية عبثية مستوردة، إلى تشويه هويته المحلية والمعرفية.
وقبل أن تنجح حركة "كفاية" في انتزاع حق التظاهر منذ عامين فقط، كان محمد عبلة أول من تظاهر في مصر ضد العدوان الأمريكي على العراق في 1991، كان الصمت والذهول يخيم على الجميع ولم تخرج تظاهرة واحدة في مصر تعبر عن مشاعر مواطنيها تجاه ما يحدث، فخرج عبلة وابنه وزوجته يحمل لوحة بسيطة على ظهره يقول ببساطة "لا".
هذا هو محمد عبلة الذي عرفته قبل عشرين عاما، كما هو أصيل كالأرض التي نبت منها، وإنساني إلى أبعد الحدود، وفوق ذلك زعيم بالفطرة.. أثق تماما في أنه يستطيع الانتصار في معركة جزيرة القرصاية لو التف حوله أصحاب القضية ولم يخذلوه، وأثق في أن بلدنا يمكنها أن تنتصر في معاركها مع سلطة فاسدة متجبرة متغولة لو أن لدينا آلافا من ذلك الفرز الطيب.


أرابيسك أيمن شرف الدستور 27 نوفمبر 2007
mal3onaboeldonya@hotmail.com

Monday, December 10, 2007

هيه فوضى؟.. أيوه فوضى!

أرابيسك


قصة جلب خادمات من الفلبين على يد رجل الأعمال مجدي راسخ -صهر الرئيس- وتعرضهن لإساءة المعاملة وعدم الرد على مندوبى السفارة ونفى وجودهن من أساسه وعدم الاهتمام بسمعة البلد أمام الأجانب إلى حد منع وزارة الخارجية الفلبينية راسخ من دخول الفلبين -حسبما ذكرت صحيفة إنكويرر الفلبينية- ربما تهون -رغم خطورتها ودلالتها- أمام قصص أخرى من استغلال النفوذ تتداولها الألسن ويدخل بعضها ضمن مبالغات المصريين وأحيانا شائعاتهم.

ولكني أتوقف أمام قصة سمعتها من محام محترم أثق فى صدقه وأمانته كان هو شخصيا طرفا فيها.. مفادها كالتالى: رجل أعمال له ديون مليون جنيه عند شركة معينة وتعذر عليه تحصيلها، فنصحه معارفه بأن يذهب إلى المكتب الاستشاري الخاص بـ "ع.م" فأخذ موعدا وقابل "ع.م" فقال له خلال أسبوع سنعيد لك نقودك ونأخذ نسبة 80% منها.. سقطت الكلمات على سمعه مذهلة، فتساءل لكن 20% كتير على مكتبكم، فصحح "ع.م" على مسمعه ما لم يدركه للوهلة الأولى قائلا: "الـ 80% للمكتب ولك 20%!!" فازدادات دهشته.. ورفض الصفقة فقال له "ع.م" على الفور: المقابلة انتهت.. خرج وهو في حالة من الذهول متجها إلى باب المكتب مباشرة، فاستوقفته السكرتيرة الشخصية، وطالبته بدفع قيمة الاستشارة، فاندهش مرة أخرى.. "استشارة إيه؟" بسرعة استدعت السكرتيرة "بودى جاردز" -حراس شخصيين- طوال عراض، وأجبرته على توقيع شيك بـ 150 ألف جنيه ثمن الاستشارة!

خرج من المكتب يكلم نفسه.. واتجه على الفور إلى محاميه وصديقه الذى اندهش هو أيضا لما حدث وقال له: "هيه البلد دى فوضى ولا إيه، إنني أعرف رئيس نيابة محترم سنبلغه بالواقعة وليكن ما يكون"، وذهبا إلى رئيس النيابة وبعد أن عرف الأخير من هو "ع.م"، طلب من رجل الأعمال أن يجلسا دقائق على انفراد، نصحه خلالها "نصيحة لوجه الله" أن ينسى موضوع المليون جنيه من أساسه، وأن يذهب ليضع ما يغطي قيمة الشيك الذي وقعه في رصيد حسابه (150 ألف جنيه)، حتى لا يخرب "ع.م" بيته! فهو ابن رجل قوى جدا فى مصر!

القصة تبدو دراماتيكية.. رجل الأعمال حاول إنقاذ المليون جنيه، وكان مستعدا لاستخدام نفوذ شخص مسنود مادامت الطرق القانونية ستطول، فوجد أنه لن يحصل من حقه سوى على 200 ألف، رفض فزاد إجمالي الغرامة ليصبح المليون مضافا إليه 150 ألف أخرى.
إنها فعلا بلد فوضى.. في غاية الفوضى!

أيمن شرف الدستور 26 نوفمبر 2007

mal3onaboeldonya@hotmail.com