Saturday, November 24, 2007

عشة الفراخ

عشة الفراخ
أرابيسك أيمن شرف- الدستور 23 نوفمبر 2007

هل تعرف رئيس "عشة الفراخ"؟ سؤال غريب ربما، ولكن شلة أصدقاء المقهى تتحدث منذ فترة عمن تسميه "رئيس فراخستان"، يجمع كل فراخ بلاده في الصباح في قفص هائل ثم يهز القفص بكلتا يديه خمس دقائق متواصلة حتى تدوخ الفراخ تماما، ثم يفتح أبواب القفص ليتركها تخرج إلى أعمالها، فلا تنحرف يمينا أو يسارا عن طريقها إلى العمل.. تعمل بكسل وتراخ وقلة اكتراث ولا يهمها إلا بطنها، وإذا ما انتصف النهار عادت أدراجها لتقيل في الصيف أو تستدفئ في الشتاء ولا تفكر فيما هو خارج هذا القفص.. تعيش منكسرة محطمة بلا أمل في الحرية، لا تفكر في سر وجود رئيس فراخستان ولا تسأل نفسها عن شرعيته، وإذا أفاق بعضها أحيانا وراح يتساءل ويفكر ويستجوب عما وراء سور العشة.. عن الحياة الحقيقية التي هم جديرون بها قد ينبري له آخرون من الفراخ المرهقة المهزومة من داخلها لتدينه وتحاكمه وتطالبه بألا يتعب ضميرها المتعب أكثر من اللازم، وأن يتركها ترتاح مع هزيمتها، هذه الفراخ كانت قد انتباتها نوبة صحيان وراحت تتحدث عن حقوقها "كفراخ" في الحصول على الديموقراطية، وأن تعامل ككائنات طبيعية، لا يعذبها أحد في قسم شرطة أو سجن، ولا يضربها أمين شرطة قلمين في عرض الطريق، ولا يستنزف قوتها وقوت عيالها محتكر أو رأسمالي جشع أو يدير شئونها جاهل مدعي.
لا تشغل بالك كثيرا بمعرفة من هو رئيس عشة الفراخ؟.. ولا تنظر في المرآة وتتحسس موضع أنفك لتعرف إن كان قد تحول إلى "منقار"، أو تتحسس خصلة شعرك لتعرف إن كان قد نبت لك "عرف" في مقدمة رأسك، فأصدقاء المقهى الذين أتحدث عنهم "ناس فاضية"، "شوية مثقفين" أو هكذا يظنون أنفسهم، ضيعوا نصف عمرهم في الجلوس على المقاهي والتنظير والتحليل والتوقع وتصيد "إفيه" جديد من هنا أو هناك، دون أن يعرفوا طبيعة شخصية سيادتك الملغزة، وبعضهم يتصور أنك مريض بآفة نفسية اسمها "تدمير الذات"، تتعرض للقهر والقمع من رئيسك المباشر أو ممن هو أقوى أو أكثر نفوذا منك، فلا تواجهه وترد القهر والظلم، وإنما تلتفت إلى من هم أضعف منك "ابنك أو مراتك" أو حتى مرؤوسك لتمارس عليه نفس القهر، أو توجه اللوم إلى نفسك، أو كما يقول المثل تخرز "سلياتك في قفا غيرك" وأهو قفا والسلام، وتبرر ضعفك وقيلة حيلتك بأي حجة، وتكثر من الشكوى والدعاء لله لكي ينقذك من مأساتك.
عموما.. لا تشغل بالك، ولا تبحث عن خريطة لتجد فيها أين تقع فراخستان، فهي دولة خيالية اخترعتها شلة المقهى إياها، وأنت زي الفل، وصحتك النفسية تمام التمام، وتستطيع أن تكمل قراءة الجرنال، وتتعشى وتنام، وتتغطى كويس، وربك يسويها، ويجازي شلة المقهى اللي عكروا مزاجك، ويجازيني أنا كمان علشان قلت لك عن آخر اختراعاتهم، بس انته إدعى ربنا يرزقهم بشغلانة تاكل كل وقتهم، فلا يجدون فسحة منه للجلوس على المقهى، ولا براحا من التفكير لكي يحللوا شئون العباد والبلاد.
mal3onaboeldonya@hotmail.com

Tuesday, November 20, 2007

نقابة الصحفيين
انتهت انتخابات الصحفيين لنقيبهم وأعضاء مجلسهم، مبروك لمن نجح و"هاردلك" لمن لم يوفق، ويبقى الأهم.. ماذا سيفعل النقيب الجديد والمجلس الجديد؟ هل سينجحون فيما فشل فيه السابقون أم يبقى الأمر مجرد تدوير للكراسي، مرة من يحسبون على تيار المعارضة ومرة من يحسبون على "الموالاة" حسب التعبير اللبناني لأنصار الحكومة، وتظل في النهاية أهم قضايا الصحفيين معلقة في الهواء؟ وهل ستحاسب الجمعية العمومية –التي لا تنعقد إلا لماما- أعضاء المجلس الناجحين وفقا لوعودهم أثناء حملتهم الانتخابية أم ستكتفي بالانتظار حتى موعد الانتخابات القادم لكي تحاسبهم في صناديق الاقتراع؟
القضايا الأهم –على الأرجح- هي رفع الأجور وتحسين الأحوال المالية للصحفيين وإلغاء عقوبة الحبس في كافة قضايا النشر، وليست السيطرة على سلم النقابة في حد ذاته هدفا أسمى لغالبية الصحفيين، فحرية تظاهر الصحفيين على سلمهم مظهر جيد للتعبير والاعتراض، ولكن حريتهم في إبداء الرأي في صحفهم ورؤساء مجالس إداراتها ونيل حقوقهم المهنية والوظيفية كأي "أصحاب مهنة" في الدنيا هدف أسمى وأرقى وأهم، وحتى تفعيل ميثاق الشرف الصحفي ليس أولوية لغالبية الصحفيين، على الرغم من ضرورته وأهميته ورغم أهمية وضرورة تطبيقه على الجميع من مخالفيه في صحف الحكومة -وهم كثر- قبل غيرهم، وإنما الأهم أن يصبح لنقابة الصحفيين الولاية الكاملة "المالية والسياسية" على المهنة.
الصحفيون بعد أن شعروا بالملل من الأجندة الحكومية في مرشحيهم مرات كثيرة، اختاروا –وبقوة- في الدورة السابقة نقيبا وأعضاء مجلس محسوبين في غالبيتهم على المعارضة، على أجندة الحريات والاستقلال النقابي بعيدا عن اختيارات الحكومة، واليوم شعر الصحفيون بدرجة من التململ من الصوت السياسي، تحت وطأة تدهور أحوالهم المالية، وخيبة الأمل في تطبيق لائحة أجور جماعية، لكن هل ينجح اختيارهم الجديد، الحقيقة أن تحقيق مطلبي الأجور وإلغاء الحبس وغيرهما من المطالب كالارتقاء بأحوال المهنة وتنظيم علاقات العمل وضمان الحصول على المعلومات، لا يقوم به إلا مرشحون أكثر استقلالا عن الحكومة وأكثر انتماء إلى المهنة وأكثر تقديرا لما أصابها من انهيار مهني وأخلاقي وفساد مالي تشهده كثير من الصحف ومعظمها صحف حكومية، ومواجهة هذا الانهيار هو موقف سياسي سيكون إذا تحقق أهم خدمة تؤدى للجماعة الصحفية ولنقابة الصحفيين وللوطن كله.
ولكن أن يسكت الصحفيون عن المطالبة بلائحة أجور موحدة –والتي يعود الفضل في وضعها على أجندة العمل النقابي إلى المجلس السابق- ويكتفوا "برشوة" مقنعة متواضعة تسمى خطأ "رفع بدل المراجع"، سيصبح انتكاسة صريحة للمجلس الجديد، وعليه أن يبحث عن حل، أن يتفاوض أو يواجه أو يستدعي الجمعية العمومية ليقول لها هذا ما فعلناه وهؤلاء هم الممانعون.. أن يعلق الجرس في رقبة القط، سواء كان القط أعضاء في نفس الجمعية من رؤساء تحرير ومجالس إدارات الصحف الحكومية المتعثرة والمثقلة بالديون، أو كانت الحكومة نفسها، ويطلب من الجمعية العمومية أن تنظر ماذا ترى، تعتصم.. تضرب عن العمل، تقرر احتجاب الصحف.. المهم أن يعود المجلس للجمعية العمومية التي انتخبته لتجد حلا.
أرابيسك أيمن شرف
جريدة الدستور الاثنين 19 نوفمبر 2007