بيان من الصحفيين المصريين بالخارج لتأييد ضياء رشوان
أصدر صحفيون مصريون يعملون بالخارج بيانا تعبيرا عن تضامنهم مع تيار الاستقلال في انتخابات نقابة الصحفيين، وتأييدهم لمرشحه ضياء رشوان، مؤكدين في الوقت نفسه أن تأييدهم ليس مبايعة نهائية وليس صكا على بياض بل انحياز مرتهن بكشف حساب مستقبلي.. وهذا نص البيان الذي وقعه كل من خالد محمود ومجدي شندي ومؤمن أحمد وخالد الدخيل وأحمد هاشم ووليد الشيخ وطه خليفة وطلعت اسماعيل وقطب العربي وفراج اسماعيل وأحمد عمر وأشرف جبريل ومحمد المعتصم وزهير العربي وخالد حريب ورضا حماد ومحمود الحضري وعبير العسكري.
نعم نستطيع التغيير
تواجه جماعتنا الصحفية تحديات عدة سواء داخل مؤسساتها القومية التي تسيطر على معظمها قلة ترفعها الحكومة فوق الرؤوس، ليس على قاعدة المهنية وإنما احتكاما إلى الولاء السياسي وحده، أو الحزبية المبتلاة بدفع ثمن الصراعات السياسية الداخلية، أو الخاصة المحاطة بأجندات وتوجهات بارونات جدد يستخدمونها لتعزيز نفوذهم وسطوتهم، وليس البحث عن الحقيقة والالتفات الى الدور الرسالي الذي يجب أن تلعبه الصحافة ضمن برنامجهم ولا على أجنداتهم.
ويقف الصحفي المصري شبه أعزل في مواجهة هؤلاء، وفي مواجهة بنية تشريعية وقوانين نشر لا تمنحه الضمانات الكاملة، فاضطر أصحاب كثير من الكفاءات المهنية إلى الجلوس في بيوتهم أو الهجرة إلى الخارج، ومن ثم لم يعد لنا قلعة تحمينا وسط هذه الأنواء سوى نقابتنا.
على ذلك فإن المعركة الجارية بين تيار الاستقلال والتغيير ممثلا في المرشح ضياء رشوان، ومرشح الحكومة مكرم محمد أحمد تمثل منعطفا في دفاع جماعتنا الصحفية عن ذاتها ورزقها وحريتها ومستقبلها، حيث لم تعد هذه الجماعة تمتلك ترف ترك نقابتها للقوى التقليدية والبيروقراطية الحكومية، وأصبح انحياز هذه الجماعة لقوى التغيير أولا ولرموز شرعيتها الوحيدة (وليس علاقتها بالحكومة) ثانيا أمر لا يمكن تفاديه.
التغيير طريقنا الوحيد نحو المستقبل، وأولى استحقاقاته وجوه جديدة تمثل أحلام وأشواق وطموحات شباب الصحفيين، وبرنامج انتخابي في قلبه ضمانات بالحياة الكريمة للصحفيين من دخل ورعاية صحية ورعاية تقاعدية مناسبة، وآليات واضحة لتحقيق الخطوط العريضة لهذا البرنامج، وضمانات للدفاع عن الصحفي ضد الحبس وقوانين النشر الجائرة، ومع تمكينه من حقه في الحصول على المعلومات ورفع مستواه المهني.
لهذه الأسباب فإننا بوصفنا مجموعة من الصحفيين المصريين بالخارج نتابع بوجداننا معركة التغيير داخل جماعتنا الصحفية، ندعم ونؤيد تيار الاستقلال النقابي ممثلا في المرشح ضياء رشوان بوصفه الأقرب إلى حلمنا وطموحنا بغد صحفي أكثر إشراقا، كما نعتبر برنامجه الأقرب إلى تطلعاتنا مؤكدين أن تأييدنا ليس مبايعة شخصية صوفية، ولا صكا على بياض، وإنما انحياز محسوب مرتهن بكشف حساب مستقبلي.
صحفيون مصريون بالخارج
للتوقيع رجاء ارسال بريد الكتروني على magdishendi@hotmail.com
نقابة الصحفيين وخيل الحكومة
حين تصبح خيول السباق طاعنة في السن، عاجزة عن تحقيق الفوز في السباقات، يعطف عليها أصحابها من باب العرفان والرحمة، فيحجبونها عن المشاركة فيها، يوفرون لها مرعى أخضر تمرح فيه بقدر ما تبقى فيها من رمق قوة، تستريح من عناء المنافسة ولهيب السياط على ظهروها، تستجم تحت سماء مفتوحة، وتنعم بالهدوء والدعة.. لكن أصحاب الخيول عندما تختلط لديهم الأوراق، ويفشلون في تقدير قوة أحصنتهم، يدفعونها دفعا لخوض سباقات تقطع أنفاسها، ويظهر عجز الشيخوخة واضحا في ارتباك خطواتها.. فتبقى في الذهن صورتها الأخيرة.. منهكة خائرة القوى.. قابلة لكسر شموخها القديم.
أما خيل الحكومة حين تشيخ فتلقى من الإهانات الكثير.. لو لم تتلق رصاصة الرحمة يبيعونها إلى عربجي جاهل، لا يقدر ماضيها العريق، يربطها في مقدمة عربية كارو لتجر ما يضعه عليها من بضائع حقيرة، فتظل ترفل في الأوساخ حتى تنهي المقادير حياتها.
لو أنني في مكان نقيب الصحفيين الأستاذ مكرم محمد أحمد ولدي ما لديه من تاريخ نقابي ومهني محترم ما قبلت على نفسي أن أقضي سنوات ما بعد الخروج من المؤسسة في القيام بأدوار مرهقة، ولاخترت أن أستمتع بحياتي.. أن أختم مسيرتي بما يليق بتاريخي، لا أن أدخل معارك صغيرة على رئاسة النقابة فأواجه منافسا شابا (في الخمسين) يدخل الانتخابات لأول مرة فيسبب لي الإحراج.. لو أنني مكان الأستاذ مكرم لأدركت سنة الحياة، ولما واجهت رأيا نقابيا عاما يريد التغيير، ولاعتذرت عن تكليفات لن أجني منها بقدر ما سيجني الآخرون.
أجندة التغيير في نقابة الصحفيين المصريين لا تعني الأشخاص بقدر ما تعني الموضوع، فقدوم الأستاذ جلال عارف إلى منصب النقيب منذ ست سنوات، ونجاح عدد كبير من الصحفيين من غير الصحف "الحكومية" في انتخابات المجلس كان يعني أن الجمعية العمومية قد ضاقت ذرعا بتولي الحكوميين دفة العمل النقابي، وأن المطلب الأساسي لعموم الصحفيين وهو تعديل أجورهم بات مطلبا ملحا وضروريا، لا ينبغي أن يظل مرتهنا بأجندة الحكومة ورؤساء تحرير صحفها، ثم جاء الأستاذ مكرم قبل عامين ومعه غالبية مدعومة حكوميا إلى مجلس النقابة لتكمل وأد رغبة الصحفيين في تحسين أوضاعهم المالية بتقديم "رشاوى انتخابية" متواضعة، وكأنها حبوب لتسكين الألم لا لعلاجه الجذري، رشاوى ترضي محدودي الوعي قليلي الطموح، وتتسق مع منهج سياسي متبع منذ فترة طويلة في التعامل مع الصحفيين، "جوعهم تجدهم في خدمتك"، ولا يهم انحدار المهنة، ولا يهم أن تصدر صحف لمجرد الابتزاز، ولا يهم أن تختلط المادة التحريرية بالإعلانية، ولا يهم أن يتحول الصحفي مندوب جريدته في وزارة إلى مندوب الوزارة في الجريدة، وليذهب ضمير الصحفي إلى الجحيم.
لم يكن مفاجئا إذن أن تعود من جديد رغبة التغيير بقوة، وأن يحتشد نحو ألف وخمسمئة صحفي وراء ضياء رشوان المرشح لأول مرة لمنصب النقيب، وأن يتمكن الأستاذ مكرم محمد أحمد بالكاد وفي آخر نصف ساعة يوم الانتخابات من حشد النصاب القانوني للجمعية العمومية، وأن يعجز عن حصد نصف الأصوات الصحيحة، وكأنه لم يحصل إلا على تأييد ربع أعضاء الجمعية العمومية، فما بالك لو كان جلال عارف صاحب التاريخ النقابي قد ترشح أمام مكرم!
انتهت الجولة الأولى بتعادل بطعم الفوز لضياء رشوان، وتعادل بطعم الهزيمة للنقابي المخضرم مكرم محمد احمد (نحو عشرون عاما في العمل النقابي)، تعادل كان مفزعا لأروقة النظام السياسي، فتداعى كبار المسئولين في الحكومة لدعم مكرم وعرضوا تقديم مزايا إضافية له تساعده في حسم جولة الإعادة، لكنها لم تخرج عن نفس النهج القديم "رشاوى انتخابية" بديلة عن المطلب الأساسي. واحتشد رؤساء تحرير الصحف الحكومية وانبرى بعضهم لمواجهة ما سموه "دكاكين الصحافة"، دون أن يدركوا أنهم أيضا ينطبق عليهم نفس الوصف "دكاكين الحكومة".. صحف خاسرة وميزانيات ملفقة، لكنهم يحصلون دائما على الحوافز والمكافآت، بعضها أرقام مليونية سنويا، فلماذا لا يقفون ضد مرشح يريد تعديل ميزان مختل، ويدعمون مرشحا أحبط على مدى العامين الماضيين مشروع تعديل الأجور رغم أنه كان أحد وعوده الانتخابية!
أيا من كان الفائز في جولة الإعادة ستظل رغبة التغيير قائمة، فالقضية الأولى للصحفيين ليست سياسية بالمعنى المباشر، ليست الموقف من التطبيع ولا من توريث السلطة، القضية مهنية بجدارة، حرية الصحفي عبر تعديل أجره وتحسين مستوى حياته.
الدستور 13 ديسمبر 2009