Friday, December 09, 2005

النظام المصري يُخيِّر الأمريكان بين الإخوان وجمال؟



في تحليل مختلف قليلا لسماح النظام المصري بصعود "تحت السيطرة" لجماعة الإخوان المسلمين على حساب المعارضة الليبرالية العلمانية، يرى كاتب أمريكي هو جاكسون ديل في صحيفة واشنطن بوست (5 ديسمبر 2005) أن الرئيس المصري يهدف إلى تخيير الأمريكان بين أمرين: ابنه جمال أو حركة إسلامية أصولية، ولكن الكاتب ينصح الإدارة بأن توقع النظام في فخ شارك فيه بنفسه بعد استجابته لضغوطها، هو أن تنحاز أو تقبل بوجود حركة أصولية تكون نموذجا يحتذى في المنطقة..

المقال عنوانه "مبارك يتفوق على نفسه- تزوير الانتخابات يأتي بنتائج عكسية".. ترجمته لطرافته احكم عليه بنفسك.. مع الوضع في الاعتبار أن لا النظام المصري والنظام الأمريكي يلعب لعبة الديموقراطية لوجه الشعب المصري ولا إحقاقا لحق الشعوب في أن تحكم نفسها وفق قواعد محترمة، وإنما يستخدمها الطرفان وفق سياق رؤية كل منهما لاستمرار مصالحه، ومصالح المستفيدين منه.

الرئيس المصري حسني مبارك، الجنرال السابق، يمارس السياسة بخشونة العسكرية، لذلك لم يكن صعبا اكتشاف خطته الأخيرة لإحباط أجندة إدارة بوش الساعية من أجل الديمقراطية. تحت ضغوط واشنطن لإجراء انتخابات حرة ونزيهة لبرلمانه "التنفيذي" الذي يبصم على جميع قراراته، أجهز مبارك هذا الخريف على معارضته العلمانية والليبرالية، التي نمت قوتها على مدى هذا العام، بينما سمح لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة بترشيح عدد محدود من المرشحين ويقومون بحملة حرة نسبيا. الهدف كان إزالة كل المعارضة المعتدلة ووضع الولايات المتحدة أمام اختيار بين استمرار حكمه -وخلافة ابنه جمال له- وبين حركة إسلامية أصولية.

في الدورة الأولى من الانتخابات الشهر الماضي، أطاحت تلك الاستراتيجية الناعمة في القاهرة بأيمن نور، المنافس الديمقراطي الليبرالي لمبارك في انتخابات الرئاسة غير الحرة والذي يمثل أكبر تهديد لابنه. ورشح حزب الرئيس ضابطا سابقا في أمن الدولة ضد أيمن نور؛ وانسحب مرشح الإخوان المسلمين وساند رجل مبارك. وتم تسجيل 2000 ناخب من أنصار الحكومة بشكل غير قانوني في المنطقة، وفي تحد واضح لحكم محكمة, ونقلوا في أتوبيسات إلى مقار التصويت ضد نور الذي يتمتع بشعبية في الدائرة. وأعلنت خسارته، واستأنفت الحكومة الأسبوع الماضي الاتهام الجنائي ضده بتهم تزوير ملفقة.

وكما اتضح الآن، تمت خطة مبارك بشكل جيد جدا. المعارضة الديمقراطية في مصر أزيلت تقريبا من البرلمان -لكن الإخوان المسلمين ضربوا (عاقبوا) الحكومة في الانتخابات. في الدورتين الأوليين فاز 65 بالمئة من مرشحي الإخوان، مقارن بـ 42 بالمئة فقط من حزب مبارك الوطني الديمقراطي. ولأن الإسلاميين، في صفقة ضمنية مع الحكومة، اقتصروا على المنافسة في أقل من ثلث الدوائر، مازال مبارك يحتفظ بالأغلبية الحاسمة في عدد المقاعد.

ورغم هذا سبب فوز الإخوان النسبي رعبا في جهاز أمن الدولة. في الأيام الثلاثة الأخيرة من التصويت، شاركت قوات الأمن بقوة في عمليات بلطجة وتزوير واسعة في محاولة لمنع مزيد من الخسائر -على مرأى من المراقبين المصريين والدوليين، والصحفيين الغربيين، والقنوات الفضائية العربية. واعتقل أكثر من 1300 من الإخوان وقتل ثلاثة أشخاص على الأقل، كان إحداها عندما فتحت قوات الأمن النار على ناس يحاولون التصويت.

وقبل أن تجرى الجولة الانتخابية الأخيرة، نتائج هذه العملية القذرة هي: حصول الإخوان المسلمين على 76 مقعدا على الأقل في البرلمان المصري، من بين 454 مقعدا. وأحزاب المعارضة الأخرى ستتراجع إلى نحو عشرين مقعدا. لكن الثمن يغضب معظم النخبة السياسية ورجال الأعمال المصريين، وحتى الصحافة الرسمية السلسة عادة، التي بدأت تدين تكتيكات الحكومة ونتائج حماقتها ووحشيتها.


وقال بيان وقعه 44 مثقفا وكاتبا وبث على موقع صحيفة الأهرام إن "الانتخابات البرلمانية شهدت تزويرا صارخا وعنفا لم يسبق له مثيل.. "التزوير قد يؤدي إلى انهيار شرعية الدولة والنظام الحالي، في ضوء أن الإصلاح السياسي كان عنصرا رئيسيا في مبررات الفترة الخامسة للرئيس".

من المحتمل ألا ينهار حكم مبارك الاستبدادي الممتد 24 عاما قريبا - لكنه فقد تأييد غالبية المصريين المعتدلين الذين تمنوا أنه ينفذ تحريرا سياسيا تدريجيا. هذا يجب أن يجبر إدارة بوش على اتخاذ بعض القرارات الصعبة، التي اعتمدت على إصلاح يقوده النظام أيضا؛ وتوصيفها للانتخابات الأسبوع الماضي بأنها "خطوة مهمة على طريق مصر نحو الإصلاح الديمقراطي" كان سخيفا ولا يمكن الدفاع عنه.

فما العمل؟ أولا، الرئيس بوش يجب ألا يخشى من الفزاعة التي يستخدنها مبارك. على الرغم من أن الإخوان المسلمين حركة أصولية بالفعل، إلا أنها نبذت العنفا منذ عقود وانضمت إلى مجموعات المعارضة العلمانية في الدعوة إلى ديمقراطية برلمانية حقيقية في مصر. وقد قال عصام العريان الشخصية البارزة في الجماعة في مقال منشور بالأهرام الأسبوع الماضي "إننا جادون حول مواصلة عملية الإصلاح، وتحقيق التحول الديمقراطي وبناء عصر نهضة تنموية على كل الجبهات". وهذه أجندة تستطيع الإدارة التصديق عليها- والترويج لها كنموذج للحركات الإسلامية الأخرى في الشرق الأوسط.

ثانيا، أن الإدارة يجب أن توضح، بدءا من الآن، أنها لن تتهاون مع انتقال غير ديموقراطي مستقبلا للسلطة من مبارك إلى إبنه، أو أي شخص آخر. الرئيس البالغ من العمر 77 عاما يبدأ فترة حكم جديدة لست سنوات؛ والولايات المتحدة يجب أن تربط بين استمرار المعونة الرسمية بمليارات الدولارات التي تسند نظامه بخطوات نحو انتخابات ديمقراطية لخليفته. إذا تحررت الحياة السياسية المصرية، سيكون هناك الكثير من المرشحين الجيدين بحلول عام 2011؛ مثل أيمن نور، ولن يكونوا مجرد أعضاء في برلمان مبارك.

Wednesday, December 07, 2005

نجاح المرحلة الأولى من مفاوضات استرداد الأموال المصرية المهربة إلى الخارج


تخيلات مستقبلية لما يمكن أن يحدث بعد خمسين عاما
تنشر تباعا في صحيفة الكرامة المصرية


نجحت لجنة استرداد الأموال المصرية المهربة إلى الخارج في المرحلة الأولى من المفاوضات مع دولتي تهليبلندا العظمى وهربستان المتحدة من أجل استعادة 12 مليار دولار من نسل عائلات المسئولين ورجال الأعمال السابقين أبو ودنين وشنكح وسيزوستوريس والهلاب وشركس مالي والفاسلي وأبو حديدة وغيرهم من الذين هربوا من البلاد قرب نهاية العصر البائد على متن يخوت وطائرات خاصة.

وقال د. هادي الأمين رئيس اللجنة لمراسلنا في جنيف حيث عقدت جولة المحادثات تحت رعاية الأمم المتحدة مع ممثلي الدولتين وممثل لنسل عائلات الهاربين، إن الطرفين اتفقا على تسييل أصول الشركات الوهمية المسجلة في تلك الدولتين والتي تمتلك قصورا وشققا فاخرة ومزارع واسطبلات خيول وفنادق في مدن كبرى تابعة لدول أخرى في مهلة لا تتجاوز العامين.

وأعلن ش. م. سيزوستوريس حفيد رجل الأعمال السابق والذي شارك في المحادثات ممثلا لأفراد عائلات الهاربين بعد حصوله على تفويض كتابي منهم اعتذارا لجميع أفراد الشعب المصري عن سلوك أجدادهم الهاربين، ورغبة كثيرين منهم في التكفير عن سيئاتهم، وأبدى معظمهم رغبته في العودة إلى البلاد، نظرا للعزلة الشديدة التي يعانون منها بعد نشر قصص فساد أجدادهم ومصدر ثرواتهم في صحف البلاد التي يقيمون فيها، وعلى حد تعبيره "في الفترة الأخيرة، الناس تنفر منا نفورها من الكلاب المسعورة والقطط الجربانة، وأولادنا أصيبوا بالاكتئاب.. وفي الأسبوع الماضي انتحر اثنان منهم أمام باب مدرستهما.. نرجو أن يسامحنا المصريون وأن نعود للحياة الطبيعية في بلدنا".

ولكن د.هادي الأمين رئيس اللجنة وأستاذ القانون الدولي السابق قال إن الفضل في النجاح يعود بالأساس إلى إقرار قانون دولي بمنع إيواء سارقي مدخرات الشعوب وملاحقتهم أينما كانوا، والتفاوض مع الدول التي تؤيهم هو مجرد خطوة إجرائية تتجنب بها تلك الدول العقوبات الدولية المباشرة.

وأشار رئيس فرع مكافحة تهريب الأموال في الإنتربول المصري إلى أن ضغوط الرأي العام والصحافة في الخارج ساهمت بلا شك في محاصرة الهاربين اجتماعيا، ولكن جهود الإنتربول الدولي في ملاحقتهم وكشف بصمات الصوت وبصمات العين التي تستخدم في فتح وإغلاق خزائن البنوك ساعدت على استعادة 2 مليار دولار كان قد أخفاها أحد أفراد عائلة شنكح و3 مليارات دولار أخفاها آخر من عائلة أبو حديدة رغم استسلامهما وإعادتهما لعقارات يمتلكونها في الريفيرا الفرنسية وجزر باربادوس بالمحيط الهادي.

يذكر أن كافة المسئولين الذين شاركوا في تهريب الهاربين ومن بينهم وزير الداخلية الراحل "كريه الشضلي" الذي أدين في القضية الشهيرة باسم "عملية الهروب الكبير" قضى عقوبة السجن المقررة وصادرت اللجنة كافة العمولات التي حصل عليها في المقابل، وتم تصفية أعمال أحد أزواج بناته الذي كان يدير شركة لتوريد معدات وآلات التعذيب للوزارة في عهد حماه.

الفاشلون السياسيون في مستشفيات الأمراض العقلية


تخيلات مستقبلية لما يمكن أن يحدث بعد خمسين عاما
تنشر تباعا في صحيفة الكرامة المصرية


في المعرض الفني الذي نظمته للمرة الأولى مستشفى أمنحتب للأمراض العقلية بالإسكندرية كان ملفتا للانتباه رسوم نزلاء عنبر المرضى النفسيين السياسيين، وحصل اثنان من المرشحين السابقين لمجلس الشعب سبق أن عولجا في المستشفى على الجائزة الأولى والثانية لأفضل لوحة فنية، اللوحة الأولى تصور فرخة تبيض بيضة من الذهب وعلى رقبتها آثار دماء، وكتب صاحبها تحتها، "ذبحوا الفرخة"، واللوحة الثانية تصور بطيخة كبيرة في المنتصف، وكتب صاحبها تحتها "الدايرة بطيختي".

وعن دلالة اللوحتين قال الأستاذ الدكتور سامي الرحماوي رائد علم النفس السياسي في مصر إن الرمز واضح، والفرخة التي تبيض ذهبا والبطيخة هما الدائرة الانتخابية التي فقدها كل منهما، ومن يشار إليهم بذبح الفرخة هم خصوم المرشح السابق الذين أطاحوا به، لكنهما تشيران أيضا إلى قرب شفاء المريض، ونحن نستخدم الرسم هنا لاستكشاف مدى وعي المريض بأزمته، حيث يأتي من نسميهم "مرضى الأزمات السياسية الحادة" إلى المستشفى وهم في حالة تشوش كامل، وغير قادرين حتى على تحديد هويتهم، ومع العلاج بالرسم ووسائل أخرى نساعد المريض الذي فقد صلته بالواقع على العودة إليه تدريجيا، فتكون رسومه مجموعات من الخطوط العصبية غير المترابطة ثم ترتقى إلى الرمزية فالتعبيرية المباشرة، وبعدها يتوقف عن الرسم ويبدأ في الكتابة أو التعبير المباشر باللغة.

وعن انتشار الأقسام المتخصصة في علاج المرضى النفسيين السياسيين في كثير من مستشفيات الأمراض العقلية في مصر، أضاف د.الرحماوي ضاحكا، يبدو أننا مقبلين على افتتاح أقسام بأسماء أحزاب سياسية بعينها، فهناك تشابه كبير بين المرضى في كل حزب.

وفي تحليله للقاسم المشترك بين الشخصيات السيكوباتية السياسية قال د.الرحماوي الذي عولج عنده أساطين الحزب البائد ورموزه، وصاحب المؤلفات العديدة في علم الأمراض النفسية السياسية مثل "الشيزوفرينيا في لجنة السياسات"، و"هلاوس ما بعد الانتخابات" و"الصرع الديموقراطي"، و"بارانويا الكرسي والظلام النفسي"، إن "الحياة السياسية في مصر أفرزت على مدى زمي طويل شخصيات ذات ميول بارانويا مركبة، تعيش حالة دائمة من جنون العظمة مختلطة بإحساس عميق بالوضاعة والدونية وتفاهة الذات، يحرص صاحبه على كبته، بالإضافة إلى مشاعر هي خليط من الكراهية والاحتقار الشديد للآخرين، وأشهر نموذج ندرسه لطلبة الأمراض النفسية السياسية هو "مقتضى مغدور" والذي شكل تحليل شخصيته وأعراض حالته البدايات الأولى لتأسيس ذلك العلم في مصر، وهو شخص عدواني شرس يكذب مثلما يتنفس ويخفي بداخله بلطجيا صغيرا، وتتركز أزمته في التعامل مع الآخرين الذين يكرههم أنه يحتاجهم بشدة، وعندما يتخلون عنه بسبب انكشافه أمامهم تحدث الصدمة، فيخرج إحساسه الحقيقي العميق الذي يكبته بأنه وضيع وتافه، وهي أول خطوة في علاج مثل هؤلاء الأشخاص "صدمة الفشل السياسي".